تسابق الأجهزة العسكرية في العاصمة الليبية الزمن لتثبيت حالة الهدوء الهش ووقف إطلاق النار، في ظل تحركات سياسية وأمنية متزامنة تشير إلى سعي حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة لترسيخ الاستقرار داخلياً، وبناء تحالفات عسكرية خارجياً، خاصة مع تركيا.
في طرابلس، عقد رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد، بصفته رئيس لجنة متابعة تثبيت الهدنة، اجتماعاً مع قوة فض الاشتباك بحضور رئيس هيئة العمليات، لمتابعة التطورات الأمنية ومراجعة الخطة العملياتية. شهد الاجتماع إشادة من الحداد بدور القوة في فض النزاعات وبسط الأمن، واستعرضت القوة أمامه تفاصيل عملها داخل العاصمة، بما في ذلك التحديات الميدانية وآليات التنسيق بين الوحدات المشاركة في التهدئة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالمهام بكفاءة واستمرارية.
كما عقد الحداد اجتماعاً موازياً مع أعضاء لجنة متابعة تنفيذ وتثبيت الهدنة لمناقشة العقبات التي تواجه جهودها في ظل التوتر الأمني، مع التركيز على العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية. تعكس هذه الاجتماعات تفعيل الآليات التي أطلقها المجلس الرئاسي الليبي، بصفته القائد الأعلى للجيش، عقب اشتباكات دامية، حيث تشارك سبع كتائب وألوية في عمليات فصل المتقاتلين داخل طرابلس، عبر نقاط تماس متفق عليها.
على الصعيد الخارجي، توجه رئيس الاستخبارات العسكرية بغرب ليبيا، اللواء محمود حمزة، إلى تركيا على رأس وفد رسمي، حيث التقى عدداً من كبار المسؤولين الأتراك على هامش مشاركته في معرض IDEF 2025 للصناعات الدفاعية. شملت اللقاءات رئيس هيئة الأركان العامة التركية الفريق أول متين غوراك، ورئيس الاستخبارات العسكرية، إضافة إلى مسؤولين في هيئة الصناعات الدفاعية وشركات متخصصة. تناولت المحادثات سبل تطوير التعاون العسكري وتبادل الخبرات، إلى جانب بحث مستجدات إقليمية ودولية ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وتأتي هذه التحركات الخارجية بعد زيارة وفد عسكري ليبي إلى إيطاليا منتصف يوليو، ما يعكس سعي حكومة الدبيبة إلى تعزيز قدراتها الدفاعية عبر التحالف مع قوى إقليمية مؤثرة، بهدف دعم موقفها الداخلي في ظل مشهد أمني لا يزال هشاً.
أمنياً، كثّفت وزارة الداخلية دورياتها داخل العاصمة عبر إدارة إنفاذ القانون، ضمن تنفيذ الخطة الأمنية المشتركة لحفظ النظام، بالتعاون مع أجهزة أمنية متعددة. وأكدت الوزارة استمرار حملتها للقافلة الأمنية الموحدة لتأمين طرابلس وضبط الفوضى، حيث تم ضبط مركبات مخالفة، من بينها سيارات معتمة ومصفحات عسكرية يُعتقد أنها تابعة لتشكيلات مسلحة.
كما شددت الوزارة على مواصلة جهودها لحماية المدنيين وتعزيز هيبة الدولة، في إطار تنفيذ قرارات سابقة تقضي بسحب التشكيلات المسلحة من الشوارع.
في ظل هذا المشهد المركب، تبدو طرابلس عالقة بين خطوط تماس داخلية تسعى الحكومة إلى تهدئتها عسكرياً، وتحركات دبلوماسية وعسكرية خارجية تهدف إلى دعم التوازن الأمني من خلال بناء شراكات مستمرة مع قوى إقليمية، في محاولة للانتقال من مرحلة السيطرة المسلحة إلى فرض الاستقرار المؤسسي.