عاجل ليبيا الان

سيف القذافي يخرج عن صمته ويكرّر اتهاماته لساركوزي

مصدر الخبر / المشهد

 

في مقابلة حصرية خاصة لإذاعة فرنسا الدولية مع سيف الإسلام القذافي، الابن الثاني للعقيد القذافي، أجريت بشكل مباشر عبر شخص يحظى بثقته، خرج سيف الإسلام عن صمته. وكان سيف الإسلام عام 2018 قد خص صحيفة نيويورك تايمز بمقابلة صحفية، لكنه وللمرة الأولى منذ العام 2011، وافق على التصريح لوسيلة إعلامية فيما يخص مسألة التمويل الليبي لحملة الرئيس نيكولا ساركوزي الانتخابية عام 2007. وهو أجاب على أسئلتنا كتابة وأكّد لإذاعة فرنسا الدولية شهادته الخاصة بالقضية. بينما بدأت محاكمة الرئيس ساركوزي قبل نحو 15 يوما في باريس.

mc-doualiya : هدى إبراهيم
حين تقدمت إذاعة فرنسا الدولية يوم 6 يناير بطلب إلى شخص من محيط سيف الإسلام القذافي مجددة رغبتها بإجراء مقابلة، لم يكن الوسيط متفائلا: ” سأطرح السؤال، لكن لا شيء مؤكد ” كانت الإجابة. ثم مع بداية المساء كان هناك استجابة. سيف الإسلام لا يعطي مقابلة لكنه يرضى بإعطاء شهادته في القضية. يرسل إلينا صفحتين مكتوبتين بالفرنسية بمبادرة منه. النص لا يستخدم صيغة المتكلم، لنفهم لاحقا أن ذلك عائد لكون النص ترجم من العربية وأن المترجم ارتأى الحديث عن سيف الإسلام بصيغة الغائب بدل استخدام صيغة الأنا. الإجابة وصلتنا عبر الوسيط وتأكدت إذاعة فرنسا الدولية على طريقتها الخاصة من هوية سيف الإسلام أثناء المحادثة المكتوبة.

خلال المحادثة غير المباشرة، ذكر سيف الإسلام بأنه سلم شهادته عام 2018 للقاضي الفرنسي سيرج تورنير المكلف بالتحقيق في هذه القضية السياسية والمالية. وهو أكد أن الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي مارس عليه عدة ضغوط عبر عدة وسطاء حتى يتراجع عن شهادته أمام القضاء الفرنسي.

بحسب سيف الإسلام، فإن أول طلب وجّه إليه من قبل نيكولا ساركوزي ليغير شهادته بخصوصه تم عام 2021، عن طريق السيدة سهى البدري، وهي مستشارة ومختصة في الاتصالات في باريس. سيف الإسلام أكد أن ما اقتُرح عليه هو أن ينفي ما يشاع عن دعم ليبي لساركوزي في حملته الانتخابية. لكن في مقابل ماذا؟ يقول سيف الإسلام: مقابل تقديم المساعدة له لإقفال ملفه أمام محكمة العدل الدولية التي لا زالت تلاحق سيف الإسلام لغاية اليوم.

دائما بحسب سيف الإسلام، فإن محاولة ثانية تمّت عام 2022، عبر وسيط جديد مرسل من طرف نيكولا ساركوزي، لكن الوسيط تواصل هذه المرة مع هنيبعل القذافي، أخوه الأصغر المحتجز في لبنان منذ عدة سنوات. الوسيط يحمل جنسية ساحل العاج ويدعى نويل ديبيس، واسمه مذكور في محضر الاتهام في قضية التمويل الليبي المفترض لحملة نيكولا ساركوزي الانتخابية، ولكن أيضا في قضية كراتشي الخاصة بعقود بيع أسلحة.

ويفند سيف الإسلام بأن نويل ديبيس ذهب إلى بيروت ومارس ضغوطا على هنيبعل، “مؤكدا له إمكانية إخراجه من السجن، في حال غير سيف الإسلام شهادته لصالح ساركوزي”. هنيبعل، الابن الأخير للقذافي، محتجز في بيروت منذ العام 2015 في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر. ويطالب لبنان طرابلس بمعلومات حول اختفائه من طرابلس التي شوهد فيها آخر مرة في أغسطس من العام 1978.

ويؤكد سيف الإسلام أن محاولة ثالثة للضغط عليه جرت هذه المرة في تاريخ لاحق لم يحدده، عبر وسيط فرنسي من أصل عربي، لم يرغب بالكشف عن هويته. ويؤكد ابن القائد الليبي أن الأمر لا يتعلق لا بألكسندر جوهري ولا بزياد تقي الدين، اثنين من كبار الوسطاء في قضية التمويل الليبي المفترض لحملة نيكولا ساركوزي. جوهري وتقي الدين كلاهما متهم في إطار هذه القضية.

سيف الإسلام أفاد بأنه “رفض بشكل قاطع” كل هذه المطالب.

لم يتسن لإذاعة فرنسا الدولية التحقق من جهة مستقلة من تصريحات سيف الإسلام.

تجدر الإشارة إلى أن أمر الإحالة إلى محكمة الجنايات يذكر عدة حالات ضغط مورست على شهود في إطار هذه القضية.

تصريحات مضادة
حول هذه التصريحات توجهت إذاعة فرنسا الدولية بالسؤال لكريستوف إينغران، محامي الرئيس ساركوزي الذي علق بالقول: إن هذه التصريحات “ليست خيالية فحسب، بل انتهازية لأنها تأتي أثناء المحاكمة التي بدأت للتوّ وهي تصدر عن شخص، يطلق من عشر سنوات اتهامات لا تستند إلى شيء، ولا يؤكدها شيء”. ويضيف المحامي: ” هو يعد منذ عشر سنوات بوضع الوثائق التي تؤكد أقواله أمام القضاء، لكن إلى اليوم، لا يوجد شيء في ملف القضية. هذه الاتهامات، هي إذن بالنسبة لي، مجرد ثرثرة خيالية ليس لها أية أهمية”.

إذاعة فرنسا الدولية اتصلت بسهى البدري التي نفت كونها نقلت لسيف الإسلام عام 2021 “هذا النوع من الرسائل”. هذا “غير صحيح بالمرة” قالت.

أما بخصوص علاقاتها مع الرئيس الأسبق ساركوزي فشرحت سهى البدري أن نيكولا ساركوزي كان محاميها في الثمانينات، وأنها كانت عضوة فاعلة في الحزب اليميني “الاتحاد من أجل حركة شعبية” (UMP) وأنها دعمت ترشح ساركوزي للانتخابات قبل أن تعيد بطاقة عضويتها في الحزب وتنقطع علاقاتها معه.

بدورها اتصلت إذاعة فرنسا الدولية بأحد محامي هنيبعل القذافي في بيروت، الذي أكد للإذاعة، نقلا عن هنيبعل القذافي بأن نويل ديبيس تقدم منه فعليا بمثل هذا الاقتراح عام 2022، تماما مثل أخيه.

خمسة ملايين دولار تم تسليمها؟
خلال المحادثة المتبادلة كتابة مع إذاعة فرنسا الدولية، عاد سيف الإسلام أيضا لتناول الدور الذي يؤكد أنه لعبه شخصيا في مسألة التمويل الليبي “ساركوزي حصل نقدا على مبلغ مليونين ونصف مليون دولار من ليبيا” لتمويل حملته الانتخابية عام 2007، ويقول “في مقابل هذا المبلغ، كان على نيكولا ساركوزي أن ينجز عقودا ويحقق مشاريع لصالح ليبيا”.

وحصل نيكولا ساركوزي على مبلغ آخر قيمته مليونين ونصف مليون دولار، نقدا كذلك. المبلغ تم تسليمه لمقربين من ساركوزي بحسب سيف الإسلام، الذي لم يحدد متى تم ذلك، لكنه يؤكد بأن السلطات الليبية كانت تنتظر في مقابل ذلك أن تضع فرنسا حدا للملاحقات في ملف الاعتداء على طائرة الدي سي 10 التابعة لشركة “الي تي آ” والتي ذهب ضحيتها 170 شخصا بينهم 54 فرنسيا عام 1989.

كانت السلطات الليبية ترغب أيضا بسحب ستة أسماء متورطة في القضية من قائمة الاتهام، من بينها عبد الله السنوسي، مدير المخابرات الخارجية الليبية وصهر القذافي الأب.

سيف الإسلام يؤكد أنه قام بنفسه باقتراح هذا المبلغ على الرئيس الفرنسي الأسبق مقابل وضع حد للملاحقات، ويقول إنه قام بنفسه بالإشراف على إيصال المال نقداً. وهو يؤكد أن حقائب المال سلمت لكلود غيان، الذي كان في حينه يدير مكتب نيكولا ساركوزي، “المال نقل إليه عن طريق بشير صالح”، الذي كان يدير في حينه المحفظة الليبية ـ الأفريقية ويحظى بثقة القذافي. وهو يحاكم أيضا في إطار قضية التمويل. كان ذلك، يوضح سيف الإسلام، عن طريق ألكسندر جوهري، رجل أعمال فرنسي من أصل جزائري.

دائما بحسب سيف الإسلام، تم وضع المال المستلم في بنك سويسري لاحقاً. سيف الإسلام يؤكد إذن لإذاعة فرنسا الدولية أن مبلغ خمسة ملايين دولار سلم نقدا لنيكولا ساركوزي.

يروي نجل الزعيم الليبي السابق مجددا المشهد الشهير، الذي رواه في الأساس بشير صالح، والذي “أضحك كل من كان حاضرا”، حين قام كلود غيان، الذي شغل سابقا منصب وزير الداخلية الفرنسي، بالصعود على الحقيبة المليئة بالدولارات بعد أن واجه صعوبة في إغلاقها. كانت تلك الوسيلة الوحيدة للتمكن من إغلاقها. كلود غِيان، الذي لا زال ينفي تورطه في قضية التمويل الليبي.

هذه الطرفة ترد في محضر الإحالة لمحكمة الجنايات في شهادة سيف الإسلام المكتوبة عام 2018. في شهادته الواردة بالعربية، سيف الإسلام كان أكد مسبقا للقاضي الفرنسي أنه خلال اللقاء الذي جمع بين نيكولا ساركوزي والقذافي الأب عام 2005 في طرابلس، تم إثارة موضوع المساندة المالية للمرشح الرئاسي المقبل للانتخابات الفرنسية.

سيف الإسلام كان أكد أن الدعم لهذه الحملة “تمثل في تسديد مبلغ مليونين ونصف يورو”. وبحسب القضاة فإن سيف الإسلام شرح بأنه “بسبب ذلك أوفد نيكولا ساركوزي إلى طرابلس مدير مكتبه كلود غيان لاستلام المبلغ”.

ويقول المحضر بأن “سيف الإسلام حصل على تأكيد بالتسليم من كلود غيان عبر بشير صالح في مكتب هذا الأخير”. كلود غيان يكون إذن قد “عاد إلى فرنسا ومعه مبلغ مليونين ونصف مليون يورو نقداً”، يشير محضر القضية نقلا عن سيف الإسلام الذي يؤكد في جانب آخر لإذاعتنا أن “زياد تقي الدين وضع في الصورة”.

في الحديث المتبادل مع إذاعة فرنسا الدولية، يؤكد سيف الإسلام أيضا أن نيكولا ساركوزي حين كان وزيرا للداخلية، اتصل شخصيا بعبد الله السنوسي وزير الداخلية الليبي الأسبق، خلال زيارته لليبيا عام 2005، واعدا إياه بسحب اسمه من لائحة الإنتربول بمجرد أن يتم انتخابه رئيسا.

ويؤكد ابن الزعيم الليبي أن هناك تسجيلات لهذه المحادثة الهاتفية وأن التسجيلات لا زالت في حوزة السنوسي. ويشير إلى أن كل ذلك تم ذكره عام 2018 للقاضي تورنير المكلف بالقضية.

سابقا، وفي عدة مناسبات، أكد المسؤولون الليبيون امتلاكهم لتسجيلات ووثائق تؤكد تورط الرئيس ساركوزي في التمويل غير المشروع، لكن إلى اليوم لا يملك القضاء الفرنسي مثل هذه الوثائق.

سيف الإسلام كان أشار إلى هذا التمويل المفترض في مارس 2011، خلال مقابلة مع شبكة يورونيوز ومن ثم خلال مؤتمر صحفي عقده في طرابلس، في وقت سبق سقوط النظام الليبي. وبعد تدخل حلف الناتو في ليبيا، طالب سيف الإسلام عندها الرئيس الفرنسي ساركوزي بإعادة الأموال التي أخذها من ليبيا.

يبرز ملف القضية لدى محكمة الجنايات الفرنسية عدة عناصر تفيد بتعدد دوائر إرسال الأموال وبتعدد الجهات المشاركة في عملية التمويل وتحويل الأموال إلى فرنسا داخل النظام الليبي. ويوصّف محضر المحكمة وجود نظام تمويل مفترض يتخطى الدور الذي لعبه سيف الإسلام كما يصرح به.

إقرأ الخبر ايضا في المصدر من >> المشهد الليبي

عن مصدر الخبر

المشهد