ليبيا الان

هل ينجح غوتيريش في تجاوز الانقسامات لتعيين مبعوث إلى ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

غوتيريش وخيار حنا تيتيه..  هل تنجح الدبلوماسية في مواجهة الانقسامات؟

تواجه الأمم المتحدة مجددًا اختبارًا عسيرًا في سبيل تعيين مبعوث جديد إلى ليبيا، إذ رشح الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، وزير الخارجية الغانية السابقة، حنا سيروا تيتيه، لهذا المنصب المليء بالتحديات. هذه الخطوة أثارت نقاشات حادة في الأوساط الدولية والمحلية، حيث تصاعدت أصوات الاعتراض، لا سيما من الجانب الروسي، الذي شكّك في نزاهة وشفافية عملية الترشيح.

في عالم السياسة الدولية، يعدّ تعيين المبعوثين الأمميين إلى بؤر التوتر قضية تخضع لحسابات معقدة بين الدول الكبرى. الحالة الليبية تحديدًا تبرز كساحة اختبار حقيقي لتوازنات القوى الدولية. هنا، تتجلى روسيا كطرف بارز في هذا الملف، إذ أبدت قلقها العميق إزاء ترشيح تيتيه، معتبرة أن عملية الاختيار افتقرت إلى التشاور المسبق مع أعضاء مجلس الأمن.

مندوب روسيا في المجلس، فاسيلي نيبينزا، عبّر صراحة عن موقف بلاده، مطالبًا بإرجاء القرار لحين تقديم قائمة مرشحين كاملة مع تبرير أسباب الاختيار والاستبعاد. هذا الموقف الروسي لم يكن مفاجئًا، بل يعكس حالة الانقسام المزمن داخل المجلس تجاه الملف الليبي.

تُعدّ تيتيه شخصية دبلوماسية مرموقة ذات خبرة واسعة، حيث شغلت منصب وزيرة خارجية غانا وممثلة خاصة للأمين العام في الاتحاد الأفريقي. هذه الخلفية تجعلها نظريًا مؤهلة لفهم التعقيدات السياسية في ليبيا، لكنها في الوقت نفسه تُثير تساؤلات حول مدى قبول الأطراف الليبية والإقليمية لها.

محللون يروْن أن كونها تنحدر من إفريقيا جنوب الصحراء قد يُشكل عقبة أمام قبولها من الأطراف المحلية، التي تميل عادةً إلى النظر بشك إلى المرشحين القادمين من خارج المحيط العربي. على الجانب الآخر، يرى مؤيدو تيتيه أن خبرتها تمثل إضافة نوعية تحتاجها الأزمة الليبية في هذه المرحلة الدقيقة.

ليبيا، التي ترزح تحت وطأة انقسامات سياسية وصراعات داخلية منذ سنوات، تبدو كساحة اختبار عسير لأي مبعوث أممي. المبادرات السابقة، رغم ما حملته من نوايا طيبة، لم تحقق اختراقات تُذكر بسبب تعقيدات المشهد المحلي.

في هذا السياق، تلعب القوى المحلية المتصارعة دورًا محوريًا في تحديد نجاح أو فشل أي مبعوث. المبادرة الأخيرة التي طرحتها الدبلوماسية الأمريكية المؤقتة، ستيفاني خوري، لم تلقَ قبولًا لدى القوى المحلية رغم الترحيب الدولي بها. هذا يعكس صعوبة إقناع الأطراف المتناحرة بضرورة التنازل لصالح حلول وسطى.

يرى المحلل السياسي الدكتور خالد الحجازي أن دور مجلس الأمن حاسم في هذه القضية، إذ يمكن لأي دولة دائمة العضوية استخدام حق النقض (الفيتو) لعرقلة تعيين أي مرشح. روسيا والصين تحديدًا تمثلان العقبة الكبرى أمام تمرير أسماء بعينها، في ظل اعتمادهما على معايير خاصة تستند إلى التوازنات الدولية والإقليمية.

من جانب آخر، تشدد دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا على ضرورة تعيين مبعوث قوي يحظى بدعم دولي وإقليمي واسع. هذه التباينات تجعل من تعيين مبعوث جديد مهمة شاقة تتطلب دبلوماسية عالية وحلولًا مبتكرة.

تلعب دول الجوار الليبي، مثل مصر والجزائر وتونس، دورًا أساسيًا في تحديد مآلات الأزمة الليبية. هذه الدول، بحكم موقعها الجغرافي وتأثيرها الإقليمي، تعدّ طرفًا فاعلًا في قبول أو رفض أي مبعوث أممي.

في حالة تيتيه، يبدو أن موقف دول الجوار سيعتمد بشكل كبير على قدرتها على التواصل مع الأطراف الليبية المختلفة ومدى التزامها بدعم الحوار السياسي.

إن نجاح غوتيريش في تعيين مبعوث جديد يعتمد بالدرجة الأولى على تحقيق توافق دولي واسع، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل الانقسامات الحالية. لكن، إذا تمكنت القوى الكبرى من تجاوز خلافاتها، فقد تُفتح أبواب الحل أمام شخصية تتمتع بالدعم الدولي وتملك القدرة على التوسط بين المصالح المتضاربة.

ختامًا، تظل الأزمة الليبية اختبارًا حقيقيًا للمجتمع الدولي، ليس فقط في قدرته على تعيين مبعوث أممي جديد، بل في مدى التزامه بإيجاد حلول مستدامة لأزمة طال أمدها، وأثرت بشكل عميق على استقرار المنطقة بأسرها.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24