ليبيا الان

نهب الثروات الليبية… أزمة اقتصاد يئن تحت الفساد

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

على الرغم من ثراء ليبيا بالموارد الطبيعية، إلا أن واقع الحال يكشف عن مأساة وطن تطفو فوق “بحيرة نفط”، بينما يغرق شعبه في مستنقع الفقر والتخبط. هنا، تختلط السياسة بالاقتصاد، فتتحول ثروات البلاد إلى غنيمة تتنازعها أطماع الحكومات والميليشيات، في غياب شبه كامل للشفافية والمحاسبة.

منذ تأميم قطاع النفط والاقتصاد الليبي يعاني من الركود الريعي. فالنفط، الذي يُفترض أن يكون شريان حياة الشعب الليبي، أصبح شرياناً يغذّي الفساد الإداري والمالي. وبحسب تقرير حديث، بلغت إيرادات النفط الليبية 17.8 مليار دولار العام الماضي، في حين أن التقديرات تُشير إلى إمكانية وصولها إلى 25.79 مليار دولار، مما يترك فجوة مالية تثير الشكوك والأسئلة: أين ذهب الفرق؟

الأمر لا يتوقف عند الأرقام، بل يتجاوزها إلى سياسات عشوائية. فمنذ سبعينيات القرن الماضي، ومع تأميم الاقتصاد، فقدت ليبيا فرصة بناء قطاعي الزراعة والصناعة كبدائل مستدامة للنفط. واعتمدت على سياسة “الراتب المضمون”، مما كرّس الاتكالية وحوّل الشعب إلى مستهلك غير منتج.

الانقسام السياسي في ليبيا بين حكومتين متنازعتين على الشرعية لم يخلق فقط فوضى إدارية، بل أتاح أيضاً مساحة واسعة للفساد المالي. فمن الإنفاق المبالغ فيه على قرطاسية الحكومة – الذي تجاوز مليار دولار – إلى عجزها عن تأمين الدواء وأمصال الأطفال، تكشف الأرقام عن مدى الاستهتار بالمقدرات الوطنية.

في السياق ذاته، يشير د. جبريل العبيدي إلى أن مسؤولين كباراً في الحكومة يمارسون الكذب كما يتنفسون. فعلى الرغم من تقارير منظمة “أوبك” التي تنفي الأرقام الرسمية لإنتاج النفط، يصرّ المسؤولون على تضليل الشعب والمجتمع الدولي، مما يضع مستقبل ليبيا في مهب الريح.

“الغاز الليبي… الكنز المنسي” هو أحد العناوين التي تعكس إهمال هذا المورد الحيوي. فلا ذكر للغاز في تقارير البنك المركزي أو بيانات الحكومة، رغم أنه لا يقل أهمية عن النفط من حيث العائد المالي. هذا الإغفال المتعمد يثير تساؤلات حول الجهات التي تستفيد من هذه الثروات بصمت.

النهب المنظم للنفط والغاز الليبي يُعد جريمة في حق اقتصاد البلاد. فاختفاء الإحصاءات الحقيقية للإنتاج والعائد يفتح الباب أمام تهريب الثروات إلى الخارج دون رقابة. ومما يزيد الطين بلة، أن تقارير دولية تؤكد وجود مليارات الدولارات الليبية في بنوك أجنبية، بعضها مجمّد بأمر مجلس الأمن، والبعض الآخر مفقود دون أثر.

المبعوث الأممي السابق غسان سلامة وصف المشهد الليبي بعبارة صادمة: “مليونير جديد كل يوم في ليبيا، والطبقة الوسطى تتقلص يوماً بعد آخر”. هذه الشهادة لم تكن مجرد انتقاد عابر، بل جاءت من شخصية وصفت بالنزاهة، مما يجعلها مؤشراً خطيراً على حجم الفساد.

سلامة أضاف أن الطبقة السياسية في ليبيا تستثمر ثرواتها الطائلة في الخارج، بعيداً عن أعين الرقابة. هذه الحقائق تعكس مأساة شعب يقف عاجزاً أمام نخب سياسية تستنزف موارده دون وازع أو محاسبة.

مع استمرار استنزاف الثروات، يبرز تساؤل مؤرق: ماذا سيحدث عندما ينضب النفط الليبي؟ فبدلاً من استثمار العائدات الحالية في بناء بنية تحتية قوية، نجد أن الحكومات المتعاقبة تبدّد الأموال على نزاعاتها، تاركة الشعب يواجه مصيراً مجهولاً.

د. جبريل العبيدي يرى أن الفشل في استغلال الموارد الحالية قد يجعل ليبيا عُرضة للانهيار الاقتصادي. فالبنية التحتية المتهالكة والاعتماد الكامل على النفط يضعان البلاد على حافة الهاوية، خصوصاً إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.

إنقاذ ليبيا من هذا المستنقع يتطلب إصلاحات جذرية تبدأ من محاسبة المسؤولين الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة. كما يجب أن يتحول الاقتصاد الليبي من ريعي إلى إنتاجي، عبر دعم الزراعة والصناعة كبدائل للنفط.

الأهم من ذلك، أن يتكاتف الشعب الليبي للضغط على القيادات السياسية لتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية. وحدها الشفافية والمحاسبة قادرتان على استعادة ثقة الشعب وبناء دولة قوية ومستقرة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24