ليبيا الان

النائب العام يواجه الفساد.. حبس مسؤول كبير

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

“بين النفط والفساد.. ليبيا الغنية التي يدفع ثمنها المواطن”

في دولة تجلس فوق ثروات نفطية هائلة، يبرز سؤالٌ مُلِح: لماذا يعاني الشعب الليبي من أزمات متلاحقة، فيما تتصاعد قضايا الفساد وتُبدد أموال البلاد؟ هذا السؤال الذي يتردد على ألسنة المواطنين يعكس حجم المعاناة اليومية التي يواجهونها في ظل غياب الرقابة والمساءلة الحقيقية.

قبل أيام، جاء تحرك النيابة العامة بفتح دعوى قضائية ضد مدير فرع ديوان المحاسبة بمدينة أجدابيا، ليكشف عن صفحات مظلمة من الانحراف الإداري والمالي في المؤسسات العامة. التقرير الرقابي الذي تلقته نيابة مكافحة الفساد التابعة لمحكمة استئناف بنغازي أظهر شواهد صادمة لإساءة استخدام السلطة من قِبل المسؤول الذي كان من المفترض أن يكون حارساً على المال العام.

منذ سنوات طويلة، يعاني الليبيون من توغل الفساد في مفاصل الدولة، حتى بات أشبه بالمرض المزمن الذي ينهك جسد الأمة. القضية الأخيرة لم تكن مجرد حادثة معزولة، بل هي حلقة في سلسلة ممتدة من التجاوزات التي تطال الأنشطة الإدارية والمالية.

وفقًا للتحقيقات، عمد المسؤول إلى حجب وثائق تضمنت نتائج ممارسة الفرع سلطة الرقابة على 16 وحدة إدارية. هذه الوثائق لم تكن مجرد أوراق بيروقراطية، بل كانت تحمل أدلة قاطعة على تورط مسؤولي تلك الوحدات في وقائع مجرمة ومخالفات تستوجب المساءلة القانونية والتأديبية.

عندما بدأ المحققون في سماع شهادات منسوبي فرع ديوان المحاسبة، تكشفت صورة قاتمة من التجاوزات. المسؤول المتهم لم يكتفِ بحجب الوثائق، بل اتخذ خطوات ممنهجة لستر أدلة المخالفات، وكأنما كان يسعى لحماية شبكة فساد تمتد جذورها في أعماق الإدارات الحكومية.
الأمر المثير للدهشة أن هذه التجاوزات كانت تمر دون رادع، ما يطرح تساؤلات حول ضعف منظومة الرقابة والمحاسبة، ومدى قدرة الأجهزة الرقابية على مواجهة تغول الفساد.

إصدار النيابة العامة أمراً بحبس المسؤول احتياطياً على ذمة التحقيق يُعتبر خطوة حاسمة، لكنها لا تكفي وحدها لتحقيق العدالة. فتح هذه القضية يثير أملاً جديداً في قلوب الليبيين، لكنه في الوقت نفسه يكشف الحاجة إلى إصلاحات جذرية في هيكل الدولة لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.
المواطن الليبي الذي يئن تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية يحتاج إلى رؤية نتائج ملموسة. فالقضية ليست مجرد معاقبة مسؤول واحد، بل هي اختبار لإرادة الدولة في محاربة الفساد واستعادة ثقة الشعب.

الحديث عن الفساد في ليبيا يتجاوز الإطار القانوني ليصل إلى مسألة أخلاقية أعمق. كيف يمكن لمسؤولين اؤتمنوا على موارد الدولة أن يحولوها إلى أداة لإثراء أنفسهم وشبكات مصالحهم؟ الإجابة عن هذا السؤال تتطلب تغييراً جذرياً في الثقافة المؤسسية، من خلال تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة.

الدولة الليبية الغنية بمواردها تواجه مفارقة مؤلمة: ثروات هائلة في مقابل معاناة يومية للمواطن. هذا التناقض الصارخ يعكس فشل الدولة في إدارة مواردها لصالح الشعب، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل هذه الأمة التي باتت ضحية للفساد وسوء الإدارة.

في ظل هذه الظروف، لا يمكن للمواطن أن يظل متفرجاً. محاربة الفساد ليست مسؤولية الأجهزة الرسمية وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الجميع. على الليبيين أن يرفعوا أصواتهم، مطالبين بإصلاحات حقيقية تعيد للدولة هيبتها وللشعب حقوقه.

القضية التي تحركت فيها النيابة العامة ليست مجرد قصة عن الفساد، بل هي فصل جديد في معركة طويلة لاستعادة سيادة القانون في ليبيا. التحرك ضد مسؤول فرع ديوان المحاسبة في أجدابيا يُظهر أن العدالة قد تتحرك ببطء، لكنها تمضي بخطى ثابتة.
يبقى الأمل قائماً أن يكون هذا التحرك بداية لتحول حقيقي في مسار الدولة الليبية، التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى قيادة رشيدة تُعيد للنفط بريقه الحقيقي: كنعمة للشعب، لا نقمة عليه.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24