مع إعلان تعيين حنا سيروا تيته مبعوثة أممية جديدة إلى ليبيا، يبدو أن البلاد تدخل مرحلة جديدة من الترقب. هذا التعيين لم يمر دون تعليقات وتحليلات من شخصيات بارزة على الساحة الليبية، ومن بينهم يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية، الذي حذر من العقبات الكبرى التي ستواجه تيته في سعيها لتحقيق الاستقرار في بلد تتقاذفه الأزمات.
يرى الفارسي أن الملفات السياسية والأمنية ليست مجرد تحديات، بل هي عقبات متجذرة تعمقت مع الوقت بسبب الانقسامات المتزايدة بين الأطراف الليبية. الانقسام السياسي الذي وصفه الفارسي بأنه “الحلقة المفرغة”، جعل من مسألة إيجاد الحلول أمراً بعيد المنال. الأطراف السياسية، بدلاً من أن تكون أدوات للحل، باتت تمثل جزءاً من الأزمة، مما يعكس انعدام الإرادة السياسية الحقيقية لدفع عجلة الاستقرار.
تيته تواجه تحدياً يتمثل في استكمال المسار الذي وضعته سابقتها ستيفاني ويليامز، خاصة فيما يتعلق بلجان الحوار الفنية والسياسية. هذه اللجان، التي اعتبرها الفارسي “البوصلة الحقيقية” لتحقيق الانتخابات، تحتاج إلى إعادة توجيه في ظل الانقسامات الحادة بين الفرقاء الليبيين.
في الجانب العسكري، أشار الفارسي إلى أن لجنة (5+5)، التي تمثل ركناً أساسياً في المسار الأمني، لم تحقق تقدماً ملموساً. العراقيل التي وضعتها بعض الأطراف، خاصة المتمركزة في غرب ليبيا، تعكس مدى تعقيد المشهد. فبدلاً من تحقيق التوافق، تستمر الصراعات الكامنة في التهديد بالانفجار.
رغم التركيز على الجوانب السياسية والأمنية، أكد الفارسي أن الملف الاقتصادي لا يقل أهمية. الاقتصاد الليبي الذي يعاني من التعثر، يمثل بيئة خصبة لزيادة التوترات، إذ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمشهد الأمني والسياسي.
ما يحتاجه الوضع الحالي، بحسب الفارسي، هو قرارات جريئة تعكس إرادة سياسية حقيقية. البعثة الأممية الجديدة لن تحقق النجاح إلا إذا تمكنت من توحيد الأطراف السياسية المتناحرة، وهو ما يبدو تحدياً كبيراً في ظل المشهد الحالي.
يحذر الفارسي من أن استمرار الوضع الراهن ينذر بعودة الصراعات المسلحة، وهو ما يعيد ليبيا إلى المربع الأول. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل بأن تكون تيته قادرة على تجاوز التحديات إذا ما تمكنت من بناء توافق داخلي ودولي يدعم خطتها.
