ليبيا الان

بن شرادة: البعثة الأممية تُدير الأزمة بأجندات خفية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مشهد سياسي تتقاذفه أمواج التدخلات الخارجية والمصالح المحلية، يخرج عضو مجلس الدولة، سعد بن شرادة، ليكشف عن خفايا إدارة البعثة الأممية للأزمة الليبية، محذرًا من أن القرار الليبي لم يعد بيد الليبيين، بل صار موزعًا بين المسلحين والقوى الخارجية. تصريحاته الأخيرة تعكس قلقًا عميقًا إزاء المسار الذي تنتهجه الأمم المتحدة في التعامل مع القضية الليبية، وتعيد إلى الأذهان ذكريات التعثر الذي شهدته الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2021.

منذ سنوات، تبدو الأمم المتحدة وكأنها تتعامل مع ليبيا كمختبر سياسي، حيث تطرح المبادرات وتُعيد صياغة الحلول دون تحقيق اختراق حقيقي نحو الاستقرار. يرى بن شرادة خلال مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24”، أن البعثة الأممية لا تُدير حوارًا ليبيًا ليبيًا، بل تُعيد تدوير الأزمة، مستفيدة من الانقسامات السياسية، بل ويشير إلى وجود “شوائب” في عملها تجعلها غير مؤهلة لرعاية عملية سياسية حقيقية.

إحدى أبرز نقاط الخلاف تتمحور حول القوانين الانتخابية، التي يعتبرها حجر الزاوية في أي استحقاق ديمقراطي. ورغم أن مجلسي النواب والدولة توصلا إلى توافق بشأنها منذ قرابة عامين، إلا أن البعثة الأممية تتجاهل هذا الاتفاق، وهو ما يفتح الباب أمام الشكوك حول نواياها الحقيقية.

وفقًا لبن شرادة، فإن القوانين الانتخابية التي تم التوافق عليها لم تُقصِ أحدًا، بل أعطت الكلمة الفصل للصندوق الانتخابي. وهذا يتناقض مع مساعي البعثة الأممية التي يسود الاعتقاد أنها ترغب في هندسة مشهد انتخابي معين، يستبعد شخصيات محددة.

يعود شرادة إلى محطة 2021، عندما أُجهضت الانتخابات بعد أن قررت أطراف دولية إقصاء سيف الإسلام القذافي. ويشير إلى أن المبعوثة الأممية السابقة، ستيفاني ويليامز، تدخلت حينها من أروقة البيت الأبيض للضغط باتجاه تعطيل الانتخابات. اليوم، يبدو أن السيناريو ذاته يُعاد إنتاجه، وسط حديث عن إمكانية فرض مخرجات اللجنة الاستشارية الجديدة بقرار أممي، مما يُلغي إرادة الليبيين في تحديد مصيرهم بأنفسهم.

في قراءة أوسع للمشهد، يرى بن شرادة أن مجلسي النواب والدولة لم يعودا أصحاب القرار الفعلي في ليبيا، حيث أصبح المشهد مُقسمًا كالتالي:

هذا التوزيع يعكس الواقع السياسي المرير، حيث تحول السياسيون إلى واجهة شكلية، فيما تُدار الأمور فعليًا من قبل القوى المسيطرة على الأرض، سواء داخل ليبيا أو خارجها. فالأمم المتحدة، بدلًا من أن تكون جهة محايدة، تبدو وكأنها تُمثل إرادة القوى الأجنبية أكثر مما تُمثل طموحات الشعب الليبي.

يحذر بن شرادة من أن مخرجات اللجنة الاستشارية قد تُفرض بقرار من مجلس الأمن، وهو ما يُنذر بتحول المسار الانتخابي إلى عملية شكلية تُراد بها شرعنة ترتيبات دولية أكثر من كونها استحقاقًا ديمقراطيًا حقيقيًا.

ويرى أن الحل ليس في الالتفاف على القوانين الانتخابية أو إعادة صياغتها وفق الرؤية الدولية، بل في الالتزام بما تم التوافق عليه سابقًا، وترك الخيار لليبيين أنفسهم. فالشعب، كما يقول بن شرادة، سئم من المناورات السياسية ويريد فقط أن يُدلي بصوته ليحدد مستقبله.

في ختام حديثه، يُسلط بن شرادة الضوء على معضلة أكثر خطورة: انتشار السلاح. حيث يؤكد أن وجود 25 مليون قطعة سلاح موزعة في كافة أرجاء ليبيا يجعل من بناء الدولة أمرًا مستحيلًا. فالأطراف المسلحة التي تستفيد من الوضع الراهن لن تسمح بقيام مؤسسات قوية، لأنها تدرك أن أي استقرار سياسي يعني نهايتها.

يبقى السؤال الأكبر: هل ستسمح الأطراف الدولية بانتخابات حرة ونزيهة في ليبيا؟ أم أن المشهد سيظل خاضعًا لحسابات القوى الإقليمية والدولية؟

في ظل هذه التعقيدات، يبدو أن ليبيا عالقة بين مطرقة التدخلات الخارجية وسندان المصالح المحلية، ما لم يحدث اختراق سياسي حقيقي يُعيد القرار إلى الليبيين أنفسهم.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24