وسط واقع صحي متأزم، يكشف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان في ليبيا، حيدر السايح، عن رقم صادم: تسجيل 21 ألف مريض سرطان حتى الآن. رقمٌ يثير المخاوف، لكنه أيضًا يعكس حجم المعاناة التي يواجهها آلاف المرضى في ظل نظام صحي مثقل بالأعباء، ونقص في العلاجات المتاحة، وتأخر طويل في إنشاء بنية تحتية متخصصة قادرة على مواجهة هذا التحدي.
تزايد أعداد مرضى السرطان في ليبيا ليس بالأمر الجديد، لكن تسجيل 21 ألف حالة بشكل رسمي يشير إلى تفاقم الأزمة. وعلى الرغم من محاولات الجهات المعنية التصدي لهذا الارتفاع من خلال خطط حكومية، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، لا سيما في ظل انعدام مراكز متخصصة قادرة على استيعاب هذا العدد المتزايد.
مشاكل تواجه مرضى السرطان في ليبيا:
أعلن حيدر السايح عن بدء تجهيز أول مركز لزراعة النخاع للأطفال في ليبيا، وهو تطور مهم في مجال علاج السرطان محليًا. هذه الخطوة، إن كُتب لها النجاح، ستقلل من الاعتماد على العلاج بالخارج، مما يعني تقليل التكلفة على الدولة والمرضى.
لماذا يُعد هذا المركز خطوة محورية؟
في ظل تزايد أعداد المرضى، تبرز أزمة نقص أدوية السرطان كواحدة من أخطر العقبات التي تهدد حياة آلاف المرضى. وفي هذا السياق، كشف السايح عن تعاقد الهيئة مع شركات منتجة للأدوية الأصلية بهدف إنهاء أزمة نقص العلاج.
وأكد أن الأدوية ستتوفر لمدة لا تقل عن ستة أشهر، مع وصول شحنات جديدة خلال فترة تتراوح بين أسبوعين إلى شهرين. لكن السؤال المطروح: هل تكفي هذه التعاقدات لحل الأزمة بشكل جذري؟
التحديات التي تواجه ملف الأدوية:
في خطوة أخرى نحو تعزيز قدرات القطاع الصحي، أعلن السايح عن إنشاء وحدة إشعاعية جديدة في سبها، ما يعني توسيع رقعة الخدمات العلاجية لتشمل مناطق الجنوب التي تعاني من نقص حاد في المرافق الصحية المتخصصة.
أهمية الوحدة الإشعاعية الجديدة:
كجزء من رؤية متكاملة لتحسين إدارة الخدمات العلاجية، أطلقت الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان منظومة إلكترونية لتسجيل المرضى. هذه الخطوة تهدف إلى تسهيل الحصول على الأدوية والخدمات الصحية بشكل أكثر تنظيمًا وفعالية.
فوائد هذه المنظومة:
على الرغم من هذه الجهود، لا تزال الأسئلة الكبرى تطرح نفسها: هل تكفي هذه الخطوات لمعالجة أزمة الأورام في ليبيا؟ هل سيتم تنفيذ المشاريع المعلنة بالفعل أم ستظل مجرد وعود على الورق؟
يبقى ملف السرطان في ليبيا تحديًا وطنيًا يتطلب إرادة سياسية قوية، ورؤية استراتيجية واضحة، وشفافية في إدارة الموارد الصحية لضمان حصول كل مريض على حقه في العلاج. ومع تسجيل 21 ألف حالة سرطان، فإن أي تأخير في الحلول لن يكون مجرد عقبة بيروقراطية، بل قضية حياة أو موت لآلاف الليبيين.