ليبيا الان

التكبالي: الدبيبة فتح الباب لهيمنة الميليشيات على ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

لا تزال ليبيا تعاني من قبضة الميليشيات المسلحة التي تحوَّلت من مجموعات مقاتلة إلى قوى مهيمنة على مفاصل الدولة، مدعومة بحكومة تصرّ على البقاء في السلطة بأي ثمن. ورغم التحذيرات والتقارير الدولية المتوالية، يستمر المجتمع الدولي في نهجه المتراخي، تاركًا ليبيا فريسة لمعادلات المصالح والتوازنات غير العادلة.

يعدُّ عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، المسؤول الأول عن فتح الباب أمام هذه الجماعات، ليس فقط عبر تجاهله الصارخ لتصاعد نفوذها، بل عبر دعمها المباشر وتقديمها كحامية شرعية لحكومته. فمنذ تولّيه السلطة، انتهج الدبيبة سياسة قائمة على التعايش والتعاون مع قادة الميليشيات، مقدمًا لهم امتيازات غير مسبوقة مقابل حمايته وضمان استمراره في الحكم.

ويؤكد عضو مجلس النواب، علي التكبالي، أن “الدبيبة لم يكن مجرد متغاضٍ عن خطر الميليشيات، بل شريكًا فاعلًا في تغلغلها في مؤسسات الدولة”، مشيرًا إلى أن “المصرف المركزي الليبي والمؤسسة الوطنية للنفط يخضعان عمليًا لنفوذ هذه الجماعات المسلحة التي تدير اقتصاد الظل وتتحكم في الموارد العامة”.

كشف التقرير الأممي الأخير عن حجم الفوضى الأمنية التي تعيشها ليبيا، حيث وثَّق انتهاكات خطيرة ارتكبتها الميليشيات، شملت التصفية الجسدية، والتعذيب، والاحتجاز التعسفي. كما أكَّد التقرير أن هذه الجماعات تموّل نفسها عبر تهريب الوقود وفرض الإتاوات على المؤسسات الرسمية، مما يزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.

لكن التكبالي يرى في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24 أن هذا التقرير “لم يحمل جديدًا”، موضحًا أن “المجتمع الدولي لا يرغب في مواجهة الميليشيات بشكل حقيقي، لأن بعض القوى الخارجية ترى فيها أداة لحماية مصالحها في ليبيا، سواء عبر ضمان استمرارية تدفق النفط أو ضبط ملف الهجرة غير الشرعية”. ويضيف أن “هناك دولًا تمدُّ هذه الميليشيات بمعدات عسكرية متطورة، رغم أن حظر السلاح المفروض أمميًا على ليبيا لا يزال ساريًا نظريًا”.

لطالما شكلت الميليشيات الليبية نقطة ارتكاز رئيسية في حسابات بعض القوى الإقليمية والدولية. ويشير التكبالي إلى أن “الميليشيات التي يدعمها الدبيبة تُستخدم كأدوات من قبل قوى دولية وإقليمية لضمان سيطرتها على الملفات الأمنية والاقتصادية في البلاد”، مؤكدًا أن “الحكومة الحالية لا تملك قرارها المستقل، بل تخضع لابتزاز المسلحين الذين أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من بنيتها السياسية”.

ولعلَّ أبرز ما يعزز نفوذ هذه المجموعات هو قدرتها على إفشال أي محاولات لتأسيس مؤسسة عسكرية أو أمنية وطنية مستقلة، حيث تعمل على إفشال أي جهود لإعادة توحيد الجيش الليبي، وتفرض إرادتها بالسلاح، مستغلة الدعم السياسي الذي يوفره لها الدبيبة.

رغم إدانة الأمم المتحدة الواضحة لنشاط الميليشيات في ليبيا، فإن المجتمع الدولي يواصل سياسة غض الطرف، متجاهلًا أن هذه الجماعات لم تعد مجرد أطراف متصارعة، بل أصبحت أركانًا ثابتة في منظومة الفساد السياسي والاقتصادي بالبلاد. ويذهب التكبالي إلى أبعد من ذلك حين يقول: “المصالح الدولية المتشابكة تمنع أي تحرك جاد ضد هذه الجماعات، لأن بعض الدول تستفيد من استمرار حالة الفوضى لضمان نفوذها في البلاد”.

ويتساءل التكبالي: “كيف يمكن الحديث عن مواجهة الميليشيات في ظل استمرار التعاون بين بعض الدول وقادتها؟ كيف يمكن فرض عقوبات على أمراء الحرب في وقت يتم فيه استقبالهم كمسؤولين في عواصم دولية؟”.

يتضح تأثير الميليشيات في مفاصل الدولة بشكل أكثر وضوحًا عند النظر إلى المصرف المركزي، حيث تمارس هذه الجماعات ضغوطًا مكثفة لضمان حصولها على الأموال اللازمة لاستمرارها. فمن خلال شبكاتها المتغلغلة في مؤسسات الدولة، استطاعت الميليشيات تأمين تدفق مستمر للأموال، سواء عبر تخصيص ميزانيات ضخمة لمجموعاتها تحت مسمى “دعم الاستقرار” أو من خلال السيطرة الفعلية على عمليات صرف العملة وتهريبها للخارج.

ويشير التكبالي إلى أن “الميليشيات لم تعد تحتاج إلى استخدام القوة لفرض إرادتها، لأنها باتت جزءًا من منظومة الفساد الحكومي”، مؤكدًا أن “حكومة الدبيبة تمنح هذه الجماعات الغطاء السياسي والقانوني اللازم لاستمرار نفوذها”.

مع استمرار هذه الفوضى، يبقى السؤال الأهم: هل هناك أمل في تفكيك قبضة الميليشيات وإنهاء نفوذها على مؤسسات الدولة؟ يرى التكبالي أن “الأمر يحتاج إلى إرادة وطنية ودولية حقيقية لوقف هذا النزيف السياسي والأمني”، لكنه يشكك في وجود هذه الإرادة حاليًا، خاصة مع استمرار تضارب المصالح بين الأطراف الفاعلة.

وفي ظل استمرار الدبيبة في السلطة، واستمرار تغاضي المجتمع الدولي عن جرائم هذه الميليشيات، يبدو أن ليبيا ستظل رهينة لعالم من الفوضى، حيث تتحكم قوى الظل في قرارات الدولة، فيما يبقى المواطن الليبي الخاسر الأكبر في هذه المعادلة القاتمة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24