ليبيا الان

ليبيا في قاع مؤشر الشفافية.. ماذا يعني ذلك لمستقبلها

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في تقرير جديد صادم لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2024، جاءت ليبيا في المرتبة الخامسة بين الدول الأكثر فسادًا في العالم، ما يضعها في دائرة الضوء كواحدة من أكثر الدول التي تعاني من انعدام الشفافية وانتشار الفساد المؤسسي. هذا التصنيف يعكس واقعًا أليمًا تعيشه البلاد منذ سنوات، وسط صراعات سياسية وأزمات اقتصادية خانقة، فماذا يعني ذلك لمستقبل ليبيا؟ وهل هناك أمل في الخروج من هذه الدوامة؟

منذ 2011، غرقت ليبيا في حالة من الفوضى السياسية، ما جعل مؤسسات الدولة عاجزة عن العمل بفعالية. هذه الفوضى فتحت الباب واسعًا أمام تفشي الفساد، حيث أصبح التربح غير المشروع واستغلال النفوذ القاعدة بدلاً من الاستثناء.

تشير التقارير المحلية والدولية إلى أن مليارات الدولارات تم تبديدها على مشاريع لم تكتمل أو لم تُنفذ أصلًا. من شبكات الكهرباء المتدهورة إلى البنية التحتية المتهالكة، كل ذلك في بلد يمتلك واحدًا من أكبر احتياطيات النفط في العالم، لكنه يعاني من تردي الخدمات الأساسية.

الفساد في ليبيا لا يقتصر على المشاريع، بل يمتد إلى الرواتب الوهمية لموظفين لا وجود لهم في الواقع، إلى جانب تعيين مسؤولين غير أكفاء بسبب الولاءات السياسية والقبلية، مما يعمق الأزمة أكثر.

أحد العوامل الرئيسية التي جعلت ليبيا تغرق في الفساد هو الانقسام السياسي. منذ عام 2014، انقسمت البلاد بين حكومتين متنافستين في الشرق والغرب، مما أدى إلى ازدواجية المؤسسات وعدم وجود سلطة رقابية قوية تستطيع محاسبة الفاسدين.

كيف تغير تصنيف ليبيا في آخر 5 سنوات؟

حتى عندما يتم الكشف عن قضايا فساد، نادرًا ما تتم محاسبة المتورطين بسبب ضعف النظام القضائي وتغلغل المصالح الشخصية في أجهزة الدولة. القضاء الليبي يعاني من تسييس واضح، مما يجعل تنفيذ العدالة أمرًا شبه مستحيل.

مع تراجع دور الدولة، ظهرت قوى أخرى تسيطر على الاقتصاد من خلال التهريب والأنشطة غير المشروعة. الميليشيات المسلحة أصبحت تفرض الإتاوات، وتحكم قبضتها على قطاعات مثل النفط والوقود، مما يجعل من الصعب على أي حكومة مركزية استعادة السيطرة الكاملة.

في قائمة الدول الأكثر فسادًا، تأتي ليبيا بعد دول مثل الصومال، فنزويلا، سوريا، وجنوب السودان، وهي دول تعاني من انهيارات سياسية وأمنية مماثلة. هذا يضع ليبيا في نفس الخانة مع البلدان التي تعاني من الحروب الأهلية والمجاعات، مما يبرز حجم المشكلة.

على الجانب الآخر، تتصدر الدنمارك وفنلندا ونيوزيلندا القائمة كأقل الدول فسادًا، حيث تتمتع بأنظمة رقابة صارمة، وقضاء مستقل، ومستوى عالٍ من الشفافية في إدارة المال العام. الفارق بين هذه الدول وليبيا يعكس فجوة هائلة في الحوكمة والإدارة.

رغم الصورة القاتمة، هناك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد ليبيا على تحسين ترتيبها في مؤشر الفساد واستعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولي.

في الدول الناجحة في مكافحة الفساد، يلعب المجتمع المدني والإعلام دورًا مهمًا في فضح الفساد والضغط من أجل التغيير. في ليبيا، لا يزال هذا الدور ضعيفًا بسبب التهديدات التي يواجهها الصحفيون والنشطاء، لكن تعزيز حريتهم يمكن أن يشكل بداية الحل.

لا يمكن لأي إصلاح أن ينجح دون وجود إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد. على القادة الليبيين اتخاذ قرارات جريئة للحد من الفساد، بدءًا من محاسبة المسؤولين الفاسدين، ووضع سياسات اقتصادية شفافة، وصولًا إلى تحقيق مصالحة وطنية تقلل من الانقسام الذي يغذي الفساد.

مؤشر الفساد لعام 2024 ألقى الضوء على حجم المشكلة التي تواجهها ليبيا، لكنها ليست قدرًا محتومًا. بإصلاحات جدية، ورقابة قوية، وقيادة سياسية صادقة، يمكن لليبيا أن تبدأ رحلة الخروج من هذه الدائرة المظلمة. قد يكون الطريق طويلاً، لكنه ليس مستحيلًا. فهل سيشهد المستقبل تحسنًا، أم ستظل ليبيا غارقة في فساد ينهش مستقبلها؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24