ليبيا الان

مقابر الصحراء الجماعية تكشف مأساة المهاجرين في ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

الصحراء الليبية ليست مجرد امتداد شاسع من الرمال، بل أصبحت شاهدة على مآسي إنسانية تفوق الوصف. هناك، في تلك المساحات القاحلة، تُدفن الأحلام قبل الأجساد، وتُمحى آثار الباحثين عن حياة كريمة تحت رمال متحركة من العنف والجريمة.

الحلم الذي تحول إلى كابوس
بالنسبة لكثيرين، تبدأ الرحلة بأمل النجاة من جحيم الفقر والحروب، لكن سرعان ما تتحول إلى كابوس حيّ في أقبية المهربين ومعسكرات الاحتجاز السرية. هؤلاء المهاجرون، الذين عبروا القارات والبحار، لم يتوقعوا أن يكون الموت أقرب إليهم من شواطئ أوروبا التي يحلمون ببلوغها.

على مدار الأسبوعين الماضيين، أفاق الليبيون والعالم على سلسلة من الأخبار المفزعة: اكتشاف “حفر الموت” في صحراء الكفرة، حيث عثرت فرق الطوارئ على 64 جثة دفنت جماعياً. لم يكن هؤلاء ضحايا حروب أو كوارث طبيعية، بل ضحايا وحوش بشرية تتاجر بآلام البائسين.

عصابات الاتجار بالبشر.. الابتزاز والموت
لم يكن موت هؤلاء المهاجرين مصادفة. وفقاً لما كشفت عنه التحقيقات، تحتجز عصابات الاتجار بالبشر هؤلاء المهاجرين في معسكرات سرية، وتعذبهم بوحشية تفوق الخيال، في محاولة لابتزاز ذويهم بمبالغ تصل إلى 10 آلاف دولار لكل فرد. البعض يحصل على الفدية، فيُطلق سراحه بأعجوبة، لكن من تعجز عائلاتهم عن الدفع يُلقى بهم إلى مصيرهم الأسود.

أساليب التعذيب التي تفوق الخيال
شهادات الناجين تروي تفاصيل مروعة. لا يقتصر الأمر على الجوع والعطش، بل يصل إلى صهر أنابيب البلاستيك على ظهورهم، والصدمات الكهربائية، والاعتداءات الجنسية. إنهم يُعاملون كسلعة، يباعون ويشترون في أسواق الظلام، بينما العالم يكتفي بالتنديد والاستنكار.

النيابة العامة تتدخل.. ولكن!
بعد كشف الجرائم الأخيرة، تحركت النيابة العامة في ليبيا لملاحقة المتورطين. فرق الطب الشرعي بدأت بمعاينة الجثث، وتحليل الحمض النووي، في محاولة لمنح هؤلاء القتلى هوية وكرامة أخيرة.

لكن الحقيقة المُرّة أن هذه ليست الجريمة الأولى، ولن تكون الأخيرة، فالمقابر الجماعية ليست سوى طرف الجليد الطافي. كل بضعة أشهر، يُكتشف المزيد من الجثث، وتظهر المزيد من الأدلة على شبكة ضخمة من المجرمين الذين يستغلون غياب الدولة وضعف الرقابة الأمنية.

المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي
تقارير الأمم المتحدة لطالما تحدثت عن تورط جهات أمنية ليبية في تهريب المهاجرين، بل إن بعضهم يُهرَّب تحت أنظار من يفترض بهم حماية الحدود. أوروبا، التي أغلقت حدودها، ليست بريئة من هذه المأساة، إذ دفعت ملايين الدولارات لليبيا “لوقف تدفق المهاجرين”، لكنها لم تتساءل يوماً عن مصيرهم داخل السجون السرية ومعسكرات الموت.

المآسي تتكرر.. والمجرمون بلا رادع
في مارس 2024، تم العثور على مقبرة جماعية تضم 65 جثة لمهاجرين جنوب غربي ليبيا. قبلها بعام، تم الكشف عن مقابر مماثلة في الشويرف، وسرت، وصبراتة. سلسلة من الجرائم التي تتكرر دون رادع، وكأن دماء هؤلاء البؤساء بلا ثمن.

هل من نهاية لهذا الجحيم؟
الأسئلة المؤلمة تتكرر: إلى متى ستظل ليبيا مسرحاً لهذه الجرائم؟ هل تتحرك الحكومة والمجتمع الدولي لوضع حد لهذه الفظائع، أم ستبقى المقابر الجماعية شاهدة صامتة على أبشع تجارة عرفتها الإنسانية؟

في صحراء الكفرة، تختفي الأسماء والوجوه، ويبقى الموت وحده الحقيقة الوحيدة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24