ليبيا الان

مجلس الأمن يناقش الأزمة الليبية.. محادثات حاسمة وإحاطات ساخنة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قاعة مجلس الأمن الدولي، حيث تتلاقى المصالح وتتضارب الرؤى، انعقدت جلسة حاسمة لمناقشة تطورات الوضع في ليبيا، الدولة التي لم تهدأ عواصفها منذ أكثر من عقد. جلسة اليوم جاءت وسط تعقيدات سياسية وأمنية واقتصادية، تعكس صعوبة الوصول إلى حل شامل ومستدام لهذا الملف الشائك.

بدأت الجلسة بإحاطة قدمتها روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، استعرضت خلالها المشهد الليبي بتفاصيله الدقيقة، مؤكدة أن “الحلم بليبيا مدنية ديمقراطية لم يتحقق بعد.” تحدثت ديكارلو عن انقسامات عميقة تعيق أي تقدم حقيقي نحو الاستقرار، مشيرة إلى أن اللجنة الاستشارية التي أنشأتها البعثة الأممية لاقت ترحيبًا داخل ليبيا، لكنها لم تسلم من الانتقادات والتشكيك في تمثيلها لجميع الأطراف.

وفي حديثها عن الوضع الأمني، أكدت ديكارلو أن المرتزقة والمليشيات لا تزال تشكل تهديدًا حقيقيًا، مما يعزز حالة عدم الاستقرار. وتطرقت إلى محاولة اغتيال وزير الدولة للشؤون السياسية بـ حكومة الدبيبة منتهية الولاية، عادل جمعة، ووصفتها بأنها “إشارة خطيرة إلى هشاشة الوضع الأمني”، داعية إلى تحقيق كامل لكشف ملابسات الحادث. كما أشادت بنجاح الانتخابات البلدية التي أجريت مؤخرًا، معتبرة أنها مؤشر على قدرة ليبيا على تنظيم انتخابات وطنية إذا توفرت الإرادة السياسية والدعم الدولي اللازم.

وكما هو متوقع، لم يكن هناك توافق بين أعضاء المجلس حول كيفية معالجة الأزمة الليبية. وجاءت المواقف الدولية متباينة، تعكس حسابات سياسية مختلفة ورؤى متضاربة.

بريطانيا، ممثلة بمندوبتها، اعتبرت أن إنشاء اللجنة الاستشارية خطوة مهمة، لكنها أبدت قلقًا عميقًا إزاء المقابر الجماعية للمهاجرين التي تم اكتشافها مؤخرًا في ليبيا، مشيرة إلى أن شركات الاتجار بالبشر تتوسع في ليبيا، مما يستدعي تحركًا عاجلًا لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية.

أما روسيا، فقد كان موقفها أكثر حدة، حيث وصف مندوبها جهود المبعوثة الأممية السابقة، ستيفاني خوري، بأنها كانت “غريبة وغير مجدية”، وانتقد تشكيل اللجنة الاستشارية دون الرجوع إلى مجلس الأمن. واعتبر أن “أي مبادرة يجب أن تتم بموافقة الليبيين أنفسهم وليس بقرارات أممية منفردة.” وأضاف أن التجارب السابقة لإنشاء مثل هذه الكيانات لم تنجح بسبب غياب الشمولية، مشددًا على أن “التجربة يجب أن تكون ليبية-ليبية، لا مفروضة من الخارج.”

على الجانب الآخر، جاء الموقف الأمريكي داعمًا بشكل واضح للبعثة الأممية، حيث أكدت مندوبة الولايات المتحدة أن “خوري أدت مهامها بشكل ممتاز”، في تباين واضح مع الرؤية الروسية. كما رحبت بتشكيل اللجنة الاستشارية، معتبرة أنها أداة ضرورية لتقديم مقترحات سياسية ناجعة، وحذرت من محاولات بعض الأطراف التدخل في عمل الأمم المتحدة بليبيا، مؤكدة أن “المؤسسات الليبية يجب أن تبقى محمية من التدخلات الخارجية.”

فرنسا لم تكن بعيدة عن هذا الخط، حيث دعت مندوبتها إلى ضرورة تشكيل حكومة ليبية موحدة في أقرب وقت، معتبرة أن غياب حكومة موحدة هو العائق الأساسي أمام أي تقدم سياسي أو أمني. كما أكدت أن “شفافية المؤسسات المالية الليبية ضرورية، فالأموال يجب أن يستفيد منها الليبيون وليس جهات أخرى.” وأبدت قلقًا من انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، مشددة على ضرورة التحقيق في اكتشاف مقابر جماعية للمهاجرين.

أما الموقف الليبي، فقد عبر عنه مندوب ليبيا لدى مجلس الأمن، الطاهر السني، الذي تحدث بمرارة عن تعقيدات المشهد الداخلي والتدخلات الخارجية التي فاقمت الأوضاع. وقال: “ليبيا لم تعد ساحة للصراعات المحلية فقط، بل أصبحت مسرحًا لتصفية الحسابات الإقليمية والحروب بالوكالة.”

وأضاف السني أن “تعيين 14 مبعوثًا أمميًا في 14 عامًا يعكس فشل المجتمع الدولي في التعامل مع الملف الليبي.” وأكد أن نجاح الانتخابات البلدية مؤخرًا دليل واضح على أن ليبيا قادرة على إجراء انتخابات وطنية إذا توفرت الإرادة السياسية والدعم الدولي الحقيقي.

وفي حديثه عن اللجنة الاستشارية، شدد على أن تمثيل كل الأطراف السياسية والمجتمعية ضروري لضمان نجاحها، مشيرًا إلى أهمية وضع آلية واضحة وشفافة لتحديد مهامها وصلاحياتها. وطالب بأن يكون عملها مكملًا للمسارات الأخرى، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية، وليس بديلًا عنها.

كما طالب السني مجلس الأمن بوضع “خارطة طريق واضحة المعالم والتوقيتات، تضمن الوصول إلى الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية الطويلة.” وشدد على ضرورة توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وإنهاء الوجود الأجنبي على الأراضي الليبية “بجميع مسمياته.”

وأكد أن “توحيد المؤسسة العسكرية سيدعم جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ووقف تهريب البشر والانتهاكات بحق المهاجرين.” لكنه حذر في الوقت ذاته من أن استمرار غياب الحل السياسي سيؤدي إلى تكرار هذه التجاوزات بشكل متزايد.”

رغم الجهود الدبلوماسية المستمرة، تبدو الأزمة الليبية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. لا يزال المجتمع الدولي منقسمًا حول كيفية إدارة الملف، مما يعكس غياب توافق حقيقي بين القوى الكبرى.

أما الليبيون أنفسهم، فلا يزالون عالقين في دوامة عدم الاستقرار، مع غياب رؤية واضحة لإنهاء الصراع. فهل تقود هذه المحادثات إلى حل جذري؟ أم أن ليبيا ستظل رهينة التجاذبات السياسية والتدخلات الخارجية؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24