ليبيا الان

التوظيف العشوائي يلتهم الاقتصاد الليبي ويؤجج التضخم

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مشهد اقتصادي يتسم بالفوضى والتخبط، تبرز أزمة التوظيف العشوائي كأحد العوامل الرئيسية التي تسهم في تفاقم التضخم وإضعاف الاستدامة المالية في ليبيا. ومع استمرار الحكومة منتهية الولاية في سياسة التعيينات غير المدروسة، يجد الاقتصاد الليبي نفسه في دوامة إنفاق لا تتوقف، حيث تتآكل الميزانية العامة تحت وطأة بند الرواتب، فيما يبقى الاستثمار والادخار على هامش الأولويات.

كشف عضو مجلس إدارة  مصرف ليبيا المركزي سابقًا، امراجع غيث، عن حقائق صادمة تتعلق بحجم الإنفاق على الرواتب في ليبيا، حيث أعلن مصرف ليبيا المركزي عن إنفاق بلغ 67 مليار دينار خلال عام 2024. هذه الأرقام، التي تبدو في ظاهرها مرتبطة فقط بالرواتب الأساسية، تخفي وراءها تفاصيل أخرى تزيد من تعقيد المشهد، حيث تتضمن 11 بندًا إضافيًا ضمن الباب الأول للموازنة، تشمل علاوات وامتيازات خاصة لمسؤولين وموظفين.

يرى غيث في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، أن هذه السياسة المالية العشوائية تؤدي إلى تضخم متسارع، حيث يجد المواطن الليبي نفسه في معادلة استهلاكية بحتة، يستهلك خلالها دخله الشهري بالكامل في شراء السلع والخدمات، دون أي توجه نحو الادخار أو الاستثمار. هذه السلوكيات الاقتصادية تعزز من اختلال التوازن بين العرض والطلب، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار بصورة مطّردة.

في بلد يعتمد بشكل شبه كامل على الإيرادات النفطية، تبدو الأزمة أكثر تعقيدًا. فالميزانية العامة تعتمد على دخل غير مستدام، بينما تستمر الحكومات المتعاقبة في سياسة التعيينات غير المدروسة كوسيلة لشراء الولاءات السياسية، دون النظر إلى التداعيات الاقتصادية طويلة الأمد. ومع غياب التخطيط المالي الرشيد، تتحول الرواتب إلى أداة استنزاف بدلًا من أن تكون رافدًا للاقتصاد.

من بين الأمور التي تساهم في تفاقم الأزمة المالية، يشير غيث إلى أن نحو 20% من إجمالي الإنفاق على الرواتب يذهب إلى امتيازات خاصة تشمل السكن، التأمين الصحي، والعلاوات التمييزية. هذه المزايا، التي تُمنح لفئة محدودة، تزيد من العبء على الميزانية العامة دون أن يكون لها أي تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي أو تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

إن إعادة ضبط السياسة المالية في ليبيا باتت ضرورة لا تقبل التأجيل. فالحد من التوظيف العشوائي، وترشيد الإنفاق الحكومي، وتوجيه الموارد نحو الاستثمار في البنية التحتية وخلق فرص عمل حقيقية، تمثل الخطوات الأولى نحو إعادة التوازن إلى الاقتصاد. غير أن غياب الإرادة السياسية، واستمرار نهج الحكومات في التعامل مع الأزمات بمنطق المسكنات، يبقي الحلول الحقيقية بعيدة المنال.

يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيستمر الاقتصاد الليبي في هذا النزيف المالي؟ ما لم يتم اتخاذ إجراءات إصلاحية جذرية، فإن البلاد ستجد نفسها أمام أزمة اقتصادية تتجاوز حدود التضخم، لتصل إلى انهيار مالي شامل. ومع كل دينار يُنفق دون تخطيط، تتقلص فرص الأجيال القادمة في بناء اقتصاد مستدام، لتبقى ليبيا عالقة في دائرة مفرغة من الفوضى المالية والسياسات المرتبكة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24