ليبيا الان

ليبيا بين فكي الإنفاق والإيرادات.. أزمة تهدد الاقتصاد

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قلب المشهد الاقتصادي الليبي، تقف الأرقام شواهد صامتة على أزمة متفاقمة، أزمة تشكّلت من سنوات من الإنفاق غير المحسوب، والإيرادات التي لا تكاد تسد رمق الميزانية. وبينما تتجه أنظار المواطن إلى مصرف ليبيا المركزي على أمل إيجاد حلول تضع حدًّا لهذا التشوّه المالي، يبدو أن التحديات أكبر من مجرد قرارات سطحية تُتخذ بين ليلة وضحاها.

ما بين شرق البلاد وغربها، تتقاسم حكومتان النفقات العامة، وكأن خزينة الدولة كنز لا ينضب. هذا الإنفاق المزدوج لا يقتصر على الرواتب والمشروعات، بل يمتد ليشمل الدعم والخدمات، وهو ما يضع المصرف المركزي في مأزق حقيقي: كيف يمكن تمويل حكومتين بموارد محدودة؟

 عضو مجلس الدولة، سعد بن شرادة يضع يده على الجرح، مشيرًا إلى أن التشوّه بين الإنفاق والإيرادات وصل إلى مستويات خطيرة، مما يهدد قدرة المصرف المركزي على الاستمرار في تغطية النفقات دون عواقب كارثية. فالمعادلة واضحة: الإيرادات غير كافية، والإنفاق متزايد، والفجوة بينهما تتسع يومًا بعد يوم.

أمام هذا المشهد، تبرز مسألة اللجوء إلى الاحتياطي النقدي كخيار قد يبدو ضروريًا للبعض، لكنه في الحقيقة ليس أكثر من مسكن مؤقت قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة على المدى البعيد. فبحسب بن شرادة، في تصريحات صحفية تابعتها أخبار ليبيا 24، فإن اعتماد المصرف المركزي على الاحتياطي لسد العجز سيضعف الاقتصاد بشكل لا رجعة فيه، لأن الاحتياطي ليس مجرد أرقام مخزنة، بل هو صمام الأمان الذي يحمي العملة الوطنية من الانهيار ويحافظ على التوازن الاقتصادي.

الخطورة هنا لا تكمن فقط في استنزاف الاحتياطي، بل في التداعيات التي ستترتب على ذلك، بدءًا من انخفاض قيمة الدينار الليبي وارتفاع معدلات التضخم، وصولًا إلى فقدان ثقة المستثمرين وتدهور بيئة الأعمال.

يؤكد بن شرادة أن استمرار هذا الوضع دون تدخل جذري سيُبقي الأزمة قائمة، مهما حاول المصرف المركزي المناورة بقرارات مؤقتة. الحل الوحيد، وفقًا لرؤيته، يكمن في تبني حزمة إصلاحات اقتصادية متكاملة، تشمل سياسات نقدية واضحة، وإجراءات للحد من الإنفاق غير المبرر، وتعزيز الإيرادات عبر تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط.

ولكن، هل تمتلك ليبيا الإرادة السياسية لتنفيذ هذه الإصلاحات؟ هذا هو السؤال الأهم، إذ إن أي خطة اقتصادية تحتاج إلى توافق سياسي واستقرار إداري، وهذان العاملان يبدوان بعيدين عن الواقع الليبي الحالي.

بعد اكتمال إدارته، أصبح من الضروري أن يضع المصرف المركزي سياسة نقدية واضحة، تعيد التوازن بين الإنفاق والإيرادات، وتحد من التضخم، وتدعم قيمة الدينار الليبي. وهذا الدور لا يقتصر على إدارة النقد فقط، بل يمتد ليشمل ضبط الإنفاق الحكومي، ومراقبة تدفق الأموال، ومنع الفساد المالي الذي يستنزف الاقتصاد الوطني.

إذا كان هناك بصيص أمل في إنقاذ الوضع، فإنه يبدأ من داخل المصرف المركزي نفسه، من خلال تبني رؤية اقتصادية شاملة، والابتعاد عن الحلول المؤقتة التي لا تزيد الأزمة إلا تعقيدًا.

المشهد الحالي ينذر بأن ليبيا تقف على حافة أزمة مالية خطيرة، وإذا لم تُتخذ إجراءات إصلاحية حاسمة، فإن العواقب ستكون وخيمة على الاقتصاد والمجتمع بأسره. الإنفاق المزدوج، واللجوء إلى الاحتياطي، وغياب السياسات النقدية الواضحة، كلها عوامل تجعل من الضروري التحرك سريعًا قبل فوات الأوان.

يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع المصرف المركزي، بالتعاون مع الجهات الاقتصادية والسياسية، انتشال ليبيا من هذه الدوامة؟ أم أن التشوّه بين الإنفاق والإيرادات سيظل واقعًا مفروضًا على البلاد إلى أجل غير مسمى؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24