في تصريحات صحفية رصدتها أخبار ليبيا 24، أطلق نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي السابق، علي الحبري، جرس إنذار بشأن ما وصفه بـ”مؤشرات اقتصادية خطيرة” تتهدد الدولة الليبية، محذرًا من تداعيات غياب الشفافية، وتزايد الإنفاق الحكومي غير المنضبط، في ظل اعتماد شبه كلي على قطاع النفط كمصدر رئيسي للدخل القومي.
الحبري أوضح أن نقطة التعادل في الميزانية التسييرية للدولة تعتمد بشكل أساسي على استقرار سعر برميل النفط عند مستوى لا يقل عن 72 دولارًا، معتبرًا أن أي انخفاض دون هذه العتبة قد يؤدي إلى اختلالات مالية جسيمة، تؤثر مباشرة على قدرة الدولة في الوفاء بالتزاماتها التشغيلية والتنموية.
وأشار إلى أن المؤسسة الوطنية للنفط قد صرف لها ما يناهز 34 مليار دينار ليبي بهدف رفع معدلات الإنتاج إلى مليوني برميل يوميًا، غير أن الغموض يلف مصير هذا الإنفاق، حيث “تغيب الشفافية كليًا”، بحسب وصفه. وأضاف أن المواطن الليبي يجهل ما إذا كانت الخطوات الفعلية قد اتخذت بالفعل لتحقيق هذا الهدف الإنتاجي، الذي يُفترض به أن يسهم في تحقيق نوع من التوازن الاقتصادي المؤقت.
الحبري شدد على ضرورة الإفصاح عن السياسات الاقتصادية العامة للدولة، داعيًا إلى إعلان خطة استراتيجية واضحة، تُنشر للرأي العام وتخضع للمتابعة والمساءلة، خاصة في ظل التحديات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، وأبرزها الانكشاف على سوق النفط، وغياب التنوع في مصادر الدخل.
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الاستدامة الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق ما لم يتم تفعيل أدوات السياسة المالية بكفاءة، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة القطاع الخاص ليكون أكثر إنتاجية وفاعلية، بعيدًا عن الاعتماد الكلي على الإنفاق الحكومي الذي وصفه بـ”المعيق”.
ورأى الحبري أن أحد أبرز معوقات الإصلاح الاقتصادي في ليبيا هو استمرار الاعتماد شبه الكامل على القطاع العام، سواء في التوظيف أو الخدمات أو الإنفاق، الأمر الذي يزيد من هشاشة الاقتصاد الوطني ويجعله عرضة للتقلبات العالمية في أسعار الطاقة.
واختتم الحبري تصريحاته بالتأكيد على أن الدولة الليبية لا يمكن أن تحقق استقرارًا اقتصاديًا حقيقيًا في ظل غياب الشفافية وعدم تبني رؤية واضحة المعالم، محذرًا من أن الاستمرار في الوضع الراهن “لا يشير إلا إلى خطر كبير”، على حد تعبيره، ومطالبًا بإعادة النظر بشكل جذري في دور الحكومة ومسؤولياتها الاقتصادية.
