في مشهد يُنذر بكارثة اقتصادية وبيئية، تواجه واحات النخيل في ليبيا، وخاصة بمدينة أوجلة، اجتياحًا غير مسبوق لآفة “سوسة النخيل الحمراء”، التي بدأت تفتك بأشجار التمور بمعدلات تُنذر بفقدان أحد أهم الموارد الزراعية في البلاد. وفقًا لتصريحات رسمية، فإن أكثر من 900 ألف نخلة مهددة بالموت، بينما تُعاني السلطات المحلية من شح الإمكانيات لمواجهة هذا الخطر الداهم.
كشف محمد بترون، عميد بلدية أوجلة، أن 30% من المزارع في المدينة قد تضررت بالفعل، محذرًا من تداعيات انتشار الآفة التي تهاجم جذوع النخيل وتقتلها من الداخل خلال أشهر. وأشار إلى أن جهاز الرقابة الزراعية يعمل بمحدودية شديدة، فيما لا تزال الحكومتان في طرابلس وبنغازي تتجاهلان إرسال الدعم العاجل أو المعدات المتطورة للسيطرة على الوباء.
سوسة النخيل الحمراء، التي تعود أصولها إلى جنوب شرق آسيا، تُعد من أخطر الآفات الزراعية في العالم بسبب سرعة تكاثرها وصعوبة اكتشافها مبكرًا. انتقلت الحشرة إلى ليبيا عبر دول الجوار، ووجدت في الواحات الليبية بيئة مثالية للانتشار، خاصة مع تراجع برامج الرقابة الزراعية بسبب الأزمات السياسية.
تُشكل أشجار النخيل عصب الاقتصاد المحلي في العديد من المناطق الليبية، حيث يبلغ الإنتاج السنوي للتمور نحو 180 ألف طن، يُصدر منها 50 ألف طن سنويًا. ومع تضرر المحاصيل، فإن آلاف العائلات التي تعتمد على هذه الزراعة ستواجه شبح الفقر، فضلًا عن خسائر تتجاوز ملايين الدولارات في قطاع التصدير.
يناشد المزارعون والمسؤولون المحليون الحكومات والمنظمات الدولية للتدخل العاجل، عبر توفير مبيدات متخصصة وطائرات زراعية لرش المناطق المصابة، إلا أن الصمت الرسمي يزيد من مخاوف تحول الأزمة إلى “انهيار أخضر” يُهدد الأمن الغذائي.
في ظل غياب الحلول الجذرية، يبقى مصير الواحات الليبية معلقًا بين جشع الآفة وعجز البشر. الخبراء يحذرون: “كل يوم تأخير يعني خسارة المزيد من الأشجار التي تحتاج إلى عقود لتعويضها”.