عادت مدينة الأصابعة إلى واجهة الأخبار مجددًا بعد موجة جديدة من الحرائق “غير المبررة” التي التهمت 35 منزلاً خلال 48 ساعة، في حادثة أعادت إشعال الجدل حول أسبابها الحقيقية، بين تفسيرات علمية واعتقادات شعبية غارقة في الغموض.
وفقًا للمجلس البلدي بالأصابعة، فقد سُجلت 27 حريقًا خلال يومي الجمعة والسبت، بينها 10 منازل اشتعلت للمرة الأولى، فيما ارتفع العدد لاحقًا إلى 35. وعلى الرغم من نشر فرق الإطفاء المحلية وتعزيزها بكوادر من هيئة السلامة الوطنية، إلا أن السرعة الغريبة لانتشار النيران دون أسباب واضحة أثارت ذعر السكان.
ولمواجهة هذا التحدي، دخل فريق خبراء أوروبي من مالطا وفنلندا وإستونيا على الخط، بناءً على طلب ليبيا عبر آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي. وأكدت مصادر محلية أن الفريق بدأ فور وصوله تحليل العينات ومراجعة القياسات، مستبعدًا في تقريره الأولي وجود غازات سامة أو مواد كيميائية متورطة.
منذ فبراير الماضي، حين اشتعلت النيران في أول منزل، لم تنقطع النظريات حول الأسباب. فبينما يصر بعض السكان على روايات تقليدية تربط الحوادث بـ”تسلط الجن”، يرفض علماء وخبراء هذا الطرح، مشيرين إلى احتمالات أخرى كـ”أعطال كهربائية خفية” أو حتى “تخريب متعمد”.
غير أن السلطات لم تعلن أي أدلة دامغة حتى الآن، سواء لإثبات التخريب أو نفيه، مما زاد من حيرة الأهالي. وفي تصريح مقتضب، ناشد المجلس البلدي السكان بعدم عرقلة فرق الإطفاء، وحذر من دخول المنازل المحترقة إلا للمختصين أو المالكين، في إشارة إلى خطورة الموقف.
يترقب الليبيون، خاصة سكان الجبل الغربي، نتائج التحقيق الأوروبي المزمع الإعلان عنها خلال اليومين المقبلين. فالتقرير النهائي قد يحمل إجابات حاسمة حول ما إذا كانت هذه الحرائق نتاج ظروف طبيعية نادرة، أم أن ثمة “أيادٍ خفية” تقف خلفها.
وبينما تتهاوى نظريات “الجن” أمام الفحوصات العلمية، تبقى الأصابعة مثالًا صارخًا على كيف يمكن للغموض أن يفتح الباب أمام الفوضى المعلوماتية، في ظل غياب إجابات رسمية واضحة. والآن، كل الأنظار تتجه نحو الخبراء الأوروبيين، على أمل أن يضعوا حدًا لهذا اللغز المُحرق.