التطور الأخير الذي هز العاصمة طرابلس، بمقتل عبد الغني الككلي، سيكون حدثيا مدويا على الساحة الأمنية والسياسية في طرابلس بالنظر إلى رمزية الرجل خلال سنوات مضت وبالنظر إلى رغبة التموقع باعتباره كان مشكلا للكثيرين وعلى رأسهم المقربون من رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، وبالتالي لا يُنظر إلى مقتل “غنيوة” على أنه مجرد خسارة لقائد ميليشياوي، بل كزلزال يُنذر بتغييرات جذرية في موازين القوى داخل العاصمة وخارجها وعلى رأس تلك التغييرات إزاحة وجوه أخرى مازالت تحافظ على قوتها في العاصمة وغير خاضعة لسلطة التحالفات الكبرى.
ووفقًا لعماد الدين بادي، المحلل البارز في المجلس الأطلسي، فإن تداعيات مقتل “غنيوة” تتجاوز البعد الأمني المباشر، لتشمل آثارًا سياسية واقتصادية عميقة على طرابلس وليبيا ككل. ويرى في تحليلات نقلتها وكالة نوفا الإيطالية، أن “هذه الإزالة المستهدفة من شأنها أن تغير طريقة تعامل حكومة الوحدة الوطنية مع الجماعات المسلحة في غرب ليبيا”.
ويضيف بادي أن “مقتل غنيوة يشكل سابقة غير مسبوقة وقد يؤدي إلى تنامي انعدام الثقة بين الميليشيات نفسها، حيث قد يشعر قادة آخرون بالتهديد ويخشون من مصير مماثل”.
ويتوقع بادي أيضًا أن عبد الرؤوف كارا، قائد قوات الردع الخاصة (الردع)، وهي جماعة مسلحة قوية أخرى تسيطر على مناطق حيوية مثل مطار معيتيقة وسجن يضم مسلحين متهمين بالإرهاب، قد يصبح الهدف التالي في سلسلة الاغتيالات المحتملة. ويوضح أن “الردع قد يستبق المخاطر من خلال الدخول في مفاوضات لتأمين وضعه، أو قد يلجأ إلى التحصن في معاقله الاجتماعية في معيتيقة وسوق الجمعة، مستفيدًا من حاضنته الشعبية”.
علاوة على ذلك، ووفقًا لتحليل بادي، يفتح مقتل “غنيوة” للحكومة فرصة سانحة “لاحتلال بشكل مباشر المساحة السياسية والاقتصادية التي تركها وراءه”. ويرى أن هذا التطور قد يجنب الحكومة “الاضطرار إلى تقاسم الإدارة والنفوذ مع شخصيات أصبحت مرهقة للغاية بسبب سطوتها وتجاوزاتها”، مما قد يعزز سلطة الدولة في العاصمة على المدى المتوسط.
هذه التحليلات تشير إلى أن اغتيال “غنيوة” ليس نهاية فصل، بل بداية لمرحلة جديدة من التوتر وعدم اليقين في طرابلس، حيث تتصارع القوى على ملء الفراغ الذي تركه، وتترقب العاصمة تداعيات هذا الحدث المفصلي على مستقبلها الأمني والسياسي والاقتصادي.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا