الشرق الاوسط : علاء حموده
يشكو فريق الدفاع عن أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، الموقوف بالولايات المتحدة؛ لاتهامه في قضية «لوكربي» من «عراقيل مجحفة» تحول دون الدفاع عنه.
وأرجع الفريق ذلك إلى «غياب التعاون الحكومي في ليبيا»، وكذلك «رفض المحامية الأميركية، ويتني مينتر، الموكلة من المحكمة، التواصل معهم».
ومثُل أبو عجيلة أمام محكمة اتحادية في واشنطن منذ أن سلّمته حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، عام 2022 للولايات المتحدة، للاشتباه بتورطه في تفجير طائرة «بان أميركان 103» فوق لوكربي في اسكوتلندا عام 1988.
جاء ذلك على خلفية تقدم فريق الادعاء الأميركي بطلب رسمي لتأجيل جلسة النطق بالحكم إلى أبريل (نيسان) 2026 بعد أن كان من المقرر في مايو (أيار) الماضي، وهو ما عدّه رئيس فريق الدفاع الليبي المحامي محمد بن دردف الموكل من قبل العائلة «أمراً مرفوضاً من جانبه وجانب العائلة».
ومن بين ما عدها فريق الدفاع الليبي «عراقيل مجحفة» تعوق خططه، وأوردها بن دردف، قوله إن «المحامية الأميركية ترفض التواصل معنا»، وقال: «إنها لم ترد على رسالة بريد إلكتروني من جانب العائلة قبل 3 أسابيع لإدراكها رفض المتهم وأسرته طلب تمديد أجل المحاكمة لمدة عام».
وأطلع المحامي الليبي دردف «الشرق الأوسط»، على ما قال إنها «سجلات المحكمة التي تظهر تعاقب مكاتب محاماة شعبية على تولي ملف القضية»، وقال: «على الأقل، يجب أن نمرر دفاعنا من خلال فريق دفاع أميركي أو أوروبي معترف به في أميركا بتعاقد رسمي».
وعبّر المحامي الليبي، عن قلقه من «إهدار الوقت»، مشيراً إلى أدلة دفاع مبدئية في حوزة فريق المحامين تبطل المحاكمة، من بينها «بطلان إجراءات التسليم للولايات المتحدة، ومخالفتها للقانون الليبي؛ لذا فأبو عجيلة يُعد مختطفاً»، وفق قوله.
كذلك، أشار بن دردف إلى «عدم اختصاص القضاء الأميركي بالنظر في قضية لوكربي»، مستنداً إلى «اتفاق في عهد النظام السابق بأن القضاء الاسكوتلندي هو المختص بالنظر فيها»، إلى جانب «أنه سبق ونال إفراجاً صحياً من السلطات الليبية».
ولم تتوقف شكاوى فريق الدفاع الليبي عند ما عده «تعنتاً أميركياً»، بل قال أيضاً: «لم نجد أي تعاون من الجهات الرسمية في الدولة الليبية»، محذراً من أن «القضية تهدد أموال ليبيا وسيادتها».
وأوضح المحامي الليبي: «سمحت هيئة المحكمة لذوي ضحايا لوكربي بحضور المحاكمة، بما يفتح باباً للمطالبة بتعويضات ضد الدولة الليبية، حال إدانة المريمي».
وكان نظام الرئيس الراحل معمر القذافي قد سدّد تعويضات قدرها 2.7 مليار دولار إلى عائلات الضحايا، وقد أُطلق سراح عبد الباسط المقرحي، المتهم الوحيد في القضية الذي حُكم عليه بـ27 عاماً، لأسباب صحية عام 2009، لكنه توفي عام 2012 عن ستين عاماً في ليبيا.
وتشعر أسرة المريمي بحالة من الإحباط، معبرة عن ازدياد قناعتها بأنه «بات يواجه السجن مدى الحياة دون حكم محكمة، بعد أن سلمته حكومة الدبيبة إلى الأميركيين»، وفق ما قال هشام نجل أبو عجيلة. وأضاف هشام المريمي لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال والدي بالمستشفى، ووضعه الصحي غير مستقر». كما عبّر عن قلقه من «انقطاع التواصل المباشر بين المتهم وعائلته منذ بضعة أشهر عبر دائرة تلفزيونية».
وأبو عجيلة كان ضابطاً بجهاز الأمن الخارجي (الاستخبارات)، وقد خطفه مسلّحون من منزله منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، لكنّ الدبيبة أقرّ فيما بعد بتسليمه إلى الولايات المتحدة، ونعته بأنه «إرهابي»، و«متهّم بتصنيع المتفجرات التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص».
ومن منظور «اللجنة الحقوقية والإعلامية للدفاع عن هانيبال القذافي»، فإن «أوجهاً للتشابه تنعقد بين قضيتي أبو عجيلة المريمي ونجل القذافي»، وقد عدّ رئيس اللجنة، عقيلة دلهوم، القضيتين «مثالين صارخين على استباحة السيادة الوطنية، وتجريد المواطن الليبي من أبسط حقوقه القانونية والإنسانية»، وفق تعبيره.
وهانيبال القذافي، موقوف في لبنان منذ عشرة أعوام، بناء على مذكرة قضائية في قضية «خطف وإخفاء» المرجع الشيعي الإمام موسى الصدر، ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عبّاس بدر الدين، في العاصمة الليبية طرابلس في عام 1978.
ويذهب دلهوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن المريمي مختطف في أميركا بذريعة (مكافحة الإرهاب)، فيما نجل القذافي يواجه المصير نفسه في دولة عربية. وبحسب الأكاديمي والحقوقي الليبي دلهوم، فإن أسرتي المواطنين الليبيين «محرومتان من أبسط الحقوق الإنسانية؛ فلا يُسمح لهما بزيارة ابنيهما، حتى في مناسبات الأعياد، وكأن العقوبة تتعلق بالروابط الأسرية والكرامة الإنسانية».
وبعد أن وصف دلهوم تسليم أبو عجيلة لأميركا بأنه «واقعة خطف وسابقة خطيرة خارج أي إطار قانوني ليبي أو دولي»، فإنه عد أيضاً «تمديد محاكمته حلقة جديدة في مسلسل تسييس العدالة وإطالة لمعاناة دون مبرر قانوني أو إنساني». ويرى دلهوم أن «الدولة الليبية سلمت المريمي، ثم تنكّرت لمسؤولياتها تجاهه»، محذراً من أن «استمرار هذا الإهمال قد يؤدي إلى ضياع حياة الرجل خلف القضبان».
وسبق لوزارة العدل الأميركية توجيه الاتهام رسمياً إلى أبو عجيلة، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021 بـ«ضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة» التي أسقطت الطائرة فوق لوكربي، ما أدى إلى مقتل 270 شخصاً، بينهم 189 أميركياً.