أظهرت دراسة جديدة أن أقوى العواصف الشمالية الشرقية (نوريستر)، وهي عواصف مدمّرة وغالبا مميتة تضرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة بأمطار، وثلوج، وفيضانات عارمة، باتت تزداد شدة ودمارا بسبب آثار التغير المناخي.
وأشارت الدراسة التي نُشرت في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم إلى أن أقوى العواصف الشمالية الشرقية، وإن كانت أقل تواترا، تزداد شدة، مصحوبة برياح عاتية وأمطار غزيرة.
ويُعدّ هذا اتجاها مقلقا للعواصف التي تسببت في أضرار بعشرات مليارات الدولارات، بالإضافة إلى الإصابات والوفيات.
واستخدم العلماء بيانات تاريخية وخوارزمية لتتبع الأعاصير لتحليل عواصف “نوريستر” بين عامي 1940 و2025، وجمعوا معا أطلسا رقميا لهذه العواصف، وقاموا بتحليل 900 عاصفة بالمجمل.
ووجدت التحليلات أن السرعة القصوى للرياح في أشد عواصف “نوريستر” زادت بنحو 6% منذ عام 1940، كما زادت معدلات تساقط الأمطار والثلوج الناتجة عن هذه العواصف أيضا بحوالي 10%.
وتتشكّل عواصف “نوريستر” عادة بين شهري سبتمبر/أيلول، وأبريل/نيسان، وتستمد طاقتها من التباين في درجات الحرارة بين الهواء القطبي البارد القادم من الشمال والهواء الدافئ الرطب القادم من المحيط الأطلسي.
وهي تعد عواصف إعصارية قوية ومدمرة في كثير من الأحيان، تؤثر بشكل رئيسي على الساحل الشرقي لأميركا الشمالية. وبعض هذه الظواهر الجوية كانت شديدة لدرجة أنها استحقت أسماء “العاصفة المثالية” و”عاصفة القرن” و”العاصفة الثلجية”، وأصبح بعضها يُعرف بأسماء مستعارة تبدو كعناوين لأفلام كوارث.
وتشير السجلات التاريخية ونماذج المناخ إلى أن هذه العواصف المدمرة أصبحت أقل شيوعا نتيجة لارتفاع درجة حرارة المناخ. إلا أن قلة تواترها لا تعني بالضرورة انخفاض شدتها.
ويرى الباحثون أن هذه الزيادات في الكثافة ربما كانت ناجمة عن التأثير المشترك لارتفاع درجات حرارة المحيط وزيادة سعة الرطوبة في الغلاف الجوي الدافئ. وتشكّل هذه العواصف تهديدا كبيرا للمدن المكتظة بالسكان على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة ومناطق أخرى.
أقل وأكثر تدميرا
ويجمع العلماء على أنه سيكون هناك عدد أقل من عواصف “نوريستر” في عالم أكثر احترارا، لأن القطب الشمالي يسخن بوتيرة أسرع من بقية نصف الكرة الشمالي، مما يعني أن التباين في درجات الحرارة، الذي يغذي هذه العواصف، سيكون أقل.
ومع ذلك، ما لم يكن واضحا هو ما الذي سيحدث لشدة هذه العواصف، والتي غالبا ما لم تحظَ بدراسات كافية.
وأشارت دراسات إلى تغيرات طفيفة أو معدومة في شدة الرياح الشمالية الشرقية، لكنها غالبا ما فشلت في تقييم العوامل الرئيسية بشكل مباشر، مثل سرعة الرياح واتجاهات هطول الأمطار.
وبشكل عام تتشكل العواصف القوية عندما يزداد التبخر مع ارتفاع درجات الحرارة، وكذلك انتقال الحرارة من المحيطات إلى الهواء.
ومع مرور العواصف عبر المحيطات الدافئة، فإنها تجذب المزيد من بخار الماء والحرارة، مما يزيد من طاقة العاصفة، مع هطول أمطار غزيرة ورياح أقوى وفيضانات أكبر عندما تضرب العواصف الأرض.
كما تحدث عاصفة المد عندما ترتفع المياه فوق مستوياتها الطبيعية وتدفعها الرياح إلى الداخل.
وتتفاقم هذه الظاهرة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، والذي يحدث بسبب الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن أنشطة الإنسان مع ذوبان الجليد الأرضي وتوسع مياه المحيطات الدافئة.
المصدر: الجزيرة + وكالات