ليبيا الان

محفظة “ليبيا أفريقيا”… رحلة ضياع المليارات من جيوب الليبيين إلى دهاليز الفساد العابرة للقارات

مصدر الخبر / قناة ليبيا 24

عبدالعزيز الزقم- ليبيا 24

من المحفظة إلى الهاوية: كيف تلاشت 1.15 مليار دولار من أموال الليبيين في إفريقيا؟

منذ تأسيسها، وُلدت “محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار” كحلم اقتصادي جامع، يُراد به ضمان مستقبل الليبيين، وتأمين موقع ليبيا على خارطة الاستثمار في القارة السمراء. لكن الحلم تبدّد، وتحول إلى كابوس مالي، تتعالى منه رائحة الإهمال والفساد والتسيّب الإداري والسياسي.

بحسب تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023، فقدت المحفظة ما يزيد عن 1.15 مليار دولار كخسائر تشغيلية مؤكدة، خلال سنوات قليلة فقط. لكن تلك الأرقام، رغم ضخامتها، لا تمثل سوى قمة جبل الجليد. فقد انهارت القيمة السوقية للمحفظة من 5.7 مليار دولار عند التأسيس إلى 2.2 مليار فقط بحلول 2019، أي أن الخسائر الحقيقية تجاوزت 3.5 مليار دولار، نُثرت بين مشاريع متوقفة، أصول مُجمّدة، وأراضٍ مصادرة.

أين تبخّرت أموال الليبيين؟

من جنوب إفريقيا إلى موزمبيق، تتوزع الخسائر وتتمدد خارطة الإهدار. في جنوب أفريقيا، تكبد فندق “مايكل أنجلو” خسائر بـ161.5 مليون راند، والقيود القانونية منعت ليبيا من الانسحاب رغم تدني العائد. في غينيا، صادر مرسوم رئاسي مزرعة “سلچيديا”، وخسرت ليبيا أصولاً بملايين الدولارات، فضلًا عن ديون قانونية متراكمة. أما في زامبيا، فقد تقلّصت قيمة فندق “لايكو لوساكا” إلى النصف، وسجّل خسائر بأكثر من 1.4 مليون دولار.

المشهد لا يكتمل دون أفريقيا الوسطى، حيث تُسيطر إدارة غير شرعية بقيادة إبراهيم الدنفور، المطلوب دوليًا، على أصول ليبية أنفقت عليها ملايين من دون جدوى. في موزمبيق، ما زال مشروع الأرز متوقفًا منذ 2014، ولم ينتج حبة واحدة، رغم التكاليف التأسيسية الضخمة.

الأسماء تتكرر، والمسؤوليات تتنصّل

ما بين تعيينات مشبوهة، وإقالات غير مُنفذة، وقرارات تُنقض بلا مسوغات، تبرز أسماء أدارت هذه المحفظة، لا بصفتها حافظة لثروة وطن، بل كأنها شركة خاصة بلا محاسب أو رقيب.

الكامل القصير، مدير عام تكرر تعيينه رغم تقارير الفساد، وتزامنت فترته مع أكبر الخسائر. محمد الميلادي، خلفه الحالي، لم يعلن عن خطة إصلاح واحدة. مصطفى أبوفناس، رئيس مجلس الإدارة، لم يعقد اجتماعًا رسميًا منذ سنتين. علي محمود، رئيس مؤسسة الاستثمار، أعاد تعيين القصير رغم الإيقاف. أما إبراهيم الدنفور، فقد أُبرمت في عهده صفقات مشبوهة، ومنع الوفود الليبية من دخول الأصول التي يديرها.

من المسؤول؟ الجميع… ولا أحد!

كل طريق يقود إلى المحفظة، وكل باب فيها يفتح على فوضى. هناك فساد، نعم، لكنه ليس من النوع الصاخب الفج؛ إنه فساد ناعم، يختبئ خلف المصطلحات الاستثمارية، ويتغذى على الصمت الرسمي، ويزدهر في ظل حكومات عاجزة أو متواطئة. الحكومة القائمة، رغم انتهاء ولايتها، تواصل التفاوض بورقة الأصول والاستثمارات، بحثًا عن شرعية مستهلكة في سوق السياسة.

والشعب؟

الشعب الليبي، ذلك الطرف الغائب في المعادلة، يدفع الثمن من لقمة عيشه، من دعم مفقود، ومن خدمات منهارة. ملايين الدولارات التي أُهدرت، كانت قادرة على إنعاش البنية التحتية، أو إصلاح قطاع الصحة، أو على الأقل تأمين منح للطلبة الليبيين الذين ينتظرون مستقبلاً يُشبه الأوطان لا المنافي.

المحصلة:

     •    1.15 مليار دولار خسائر تشغيلية

     •    أكثر من 300 مليون دولار أصول مصادرة

     •    تراجع بأكثر من 60% من القيمة السوقية

     •    غياب خطط إصلاح أو شفافية إدارية

لكن الأدهى… أن كل هذه الخسائر لم تُقابل بمحاكمة واحدة تُذكر، ولا مساءلة تُرضي.

ختامًا…

من جوهانسبرغ إلى كوناكري، لا يمكن الحديث عن الاستثمار في أفريقيا دون الحديث عن استثمارنا المنهوب. فالمحفظة التي أنشئت لحفظ الأمل، تحوّلت إلى شاهد على الإهمال. ومن يتجرأ على فتح هذا الملف، يواجه بـ”التهميش” إن لم يكن بـ”الإقصاء”. ومع هذا، سيبقى السؤال قائمًا: من يعيد لنا أموالنا؟ ومن يعيد لنا ثقتنا؟.

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

قناة ليبيا 24

أضف تعليقـك

16 − عشرة =