أطلق مصرف ليبيا المركزي منظومة “راتبك لحظي” التي تهدف إلى صرف المرتبات مباشرة إلى حسابات الموظفين في القطاع العام فور اعتمادها، في خطوة وصفها المصرف بأنها محطة وطنية مهمة على طريق التحول الرقمي للقطاع المالي.
ويأتي إطلاق منظومة “راتبك لحظي” بعد سنوات من الاعتماد على إجراءات ورقية معقدة تبدأ من إدخال بيانات الموظفين مروراً بالمراجعة المالية والقانونية ثم إحالة أذونات الصرف إلى المصرف المركزي لتحويلها إلى الجهات والمصارف التجارية، وهي دورة إدارية كانت تتسبب في تأخير المرتبات لشهور في بعض الأحيان وتفتح الباب أمام التجاوزات.
الآلية الجديدة تعتمد على قيام إدارة الميزانية بوزارة المالية بإعداد الحوافظ المصرفية بصافي المبالغ المستحقة لكل موظف، ليقوم المصرف المركزي بتحويلها مباشرة إلى حسابات المستفيدين في المصارف التجارية، بما يضمن تقليص الوقت والحد من تدخل الإجراءات اليدوية.
وأوضح المركزي أن “راتبك لحظي” ليس منظومة موارد بشرية أو محاسبة، بل هو نظام مصرفي بحت يقتصر دوره على تسييل المرتبات التي تم احتسابها مسبقاً من قبل الجهات الحكومية.
كما شدد على أن المشروع لا يتعارض مع القوانين المالية ولا يغيّر من اختصاصات المراقبين الماليين، حيث تظل المراجعة القانونية والمالية من صلاحيات الجهات المختصة، بينما يقتصر دور المركزي على عملية الصرف فقط.
ويشمل النظام الجديد كافة المستحقات المالية للموظف مثل العلاوات وبدل الإجازات، على أن تبقى مركزية الصرف قائمة من خلال وزارة المالية.
ويرى خبراء أن المشروع قد يسهم في الحد من أوجه الفساد التي شابت منظومة المرتبات في السابق، مثل صرف رواتب لأشخاص متوفين أو تسجيل موظفين وهميين، كما قد يساعد على المراجعة الفورية وتقليل فرص التسرب المالي.
لكن مراقبين آخرين يشيرون إلى أن نجاح هذه الخطوة يتوقف على تكاملها مع بقية المؤسسات، خاصة مصلحة الأحوال المدنية وديوان المحاسبة، إضافة إلى قدرة البنية التحتية التقنية على استيعاب التحويلات الفورية في مختلف المناطق.
إطلاق منظومة “راتبك لحظي” يمثل خطوة نوعية في تحديث المنظومة المالية للدولة، لكنه يثير تساؤلاً جوهرياً: هل يكفي النظام الجديد وحده للقضاء على الروتين والفساد المتجذر في الإدارة العامة، أم أن الإصلاح يتطلب رؤية أشمل تشمل تحديث التشريعات وتعزيز الرقابة وربط المنظومات الحكومية تحت قاعدة بيانات موحدة؟
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا