يشهد المشهد الليبي منذ أسابيع حراكاً دبلوماسياً وأمنياً لافتاً، تُوج بلقاءات متكررة بين القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر وعدد من مسؤولي أجهزة المخابرات في دول مؤثرة إقليمياً ودولياً مثل مصر وتركيا وفرنسا.
هذه اللقاءات، التي تجري في وقت حساس من عمر الأزمة الليبية، لا يمكن قراءتها بمعزل عن حالة الانسداد السياسي وفشل خارطة الطريق الأممية في الوصول إلى انتخابات طال انتظارها. فهي تعكس، وفق مراقبين، بداية إعادة صياغة التحالفات وترتيب موازين القوى على الأرض، استعداداً لمرحلة قد تشهد متغيرات مفصلية.
وفي هذا الإطار، رصد ليبيا 24 تصريحات مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية، أشريف عبد الله، الذي أكد أن ليبيا تمر بمرحلة دقيقة تكشف بجلاء محدودية المبادرات الأممية. وقال إن الليبيين أصبحوا مقتنعين بأن تغيير السلطة التنفيذية لن يتحقق عبر التوافقات الشكلية، بل من خلال انتخابات حقيقية تمنح المؤسسات شرعية راسخة.
تجارب الصخيرات وجنيف أثبتت فشلها في معالجة الانقسام السياسي
وأضاف أن تجارب الصخيرات وجنيف أثبتت فشلها في معالجة الانقسام السياسي، محذراً من أن استمرار إخفاق البعثة الأممية للمرة الثالثة يفرض ضرورة إعادة النظر في شكل الوساطة الدولية وطبيعة مقاربة الحل.
القوة والشرعية
وأشار عبد الله إلى أن ليبيا تعيش اليوم انقساماً سياسياً وأمنياً بين قوتين رئيسيتين، معتبراً أن الشرعية الدولية لا تُمنح فقط عبر صناديق الاقتراع، بل قد تُفرض أيضاً بقوة الأمر الواقع إذا توافرت السيطرة والاستقرار. وأكد أن المجتمع الدولي يتعامل عملياً مع من يمتلك النفوذ الميداني والقوة الضامنة للأمن.
إعادة التموضع الإقليمي
ولفت المحلل الأمني إلى أن لقاءات القائد العام مع مسؤولي المخابرات المصرية والفرنسية والتركية تحمل دلالات استراتيجية مهمة، إذ تعكس إعادة تموضع إقليمي واسع. فهذه الدول، بحسب عبد الله، تسعى لإعادة ترتيب أوراقها السياسية والأمنية داخل ليبيا، في محاولة لضمان مواقع مؤثرة في أي تسوية مقبلة.
إن مجمل هذه التطورات يشير إلى أن الأزمة الليبية تقف أمام مفترق طرق جديد. فبينما يتواصل الجمود السياسي الداخلي، تتحرك الأطراف الإقليمية والدولية لرسم خطوط المرحلة القادمة. ويبقى التحدي الأكبر في قدرة الليبيين على تحويل هذه اللحظة إلى فرصة لاستعادة الاستقرار، بدلاً من أن تكون بوابة لسيناريوهات أكثر تعقيداً.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا