ليبيا 24
ردًا على ما نُشر من تصريح منقول عن المبعوثة الأممية هانا تيتية بشأن اختصاص القرار 1973، والذي أكدت فيه أن الفصل السابع يقتصر على الأموال الليبية المجمدة وحظر السلاح، تجدد الجدل حول حدود صلاحيات البعثة الأممية، ودورها الحقيقي في مسار الأزمة الليبية الممتدة منذ أكثر من عقد.
تصريح مثير للجدل هذا الموقف أثار تساؤلات عدة: أين الوعود التي قُطعت عقب التدخل العسكري سنة 2011 وإصدار القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1973؟ ولماذا بقي مصير الأموال الليبية المجمدة غامضًا، وسط محاولات بعض الدول الكبرى الاستفادة منها؟ وهل كان الهدف من التدخل حماية المدنيين فعلاً أم الاكتفاء بإدارة الأزمة وتدويرها؟ تصريح المبعوثة بدا كأنه إقرار متأخر بالفشل، خاصة وأن مبعوثين سابقين اعترفوا بعجزهم عن إنجاز الحل.
كما أن تحميل الليبيين وحدهم مسؤولية الانسداد السياسي هو محاولة للتنصل من مسؤولية أممية ودولية، في حين أن البعثة نفسها ساهمت في إطالة الأزمة عبر مبادرات متكررة ومسارات متوازية لم تصل إلى نتيجة.بيان البعثة: إعادة تعريف الدورولم يقتصر الأمر على تصريح تيتية، إذ أصدرت البعثة الأممية بيانًا أكدت فيه أنها لا تملك سلطة فرض أو إقالة الحكومات، مشيرة إلى أن مهمتها تقتصر على دعم الليبيين في تجاوز الانسداد السياسي وصولاً إلى انتخابات تعيد الشرعية المؤسسية.وأوضحت أن ولايتها تستند إلى قرار مجلس الأمن 2755 (2024)، الذي يركز على التسوية السلمية وفق الفصل السادس، لا السابع. أي أن دورها يقوم على الوساطة والمساعي الحميدة، لا على فرض حلول من الخارج.
كما نبهت إلى “سوء فهم” بشأن ولاية الفصل السابع، مؤكدة أن ليبيا تخضع له فقط في مجالات محدودة كحظر السلاح والتدابير المالية.بهذا، تحاول البعثة أن تضبط توقعات الليبيين: فهي ليست وصية على البلاد، ولا تملك تغيير الحكومات، بل إطار مساعد فقط.لماذا الفشل؟الفشل نتاج عوامل داخلية وخارجية متشابكة:البعثة الأممية تعاملت مع الملف بعقلية إدارة مؤقتة لا بعقلية حل جذري.
المجتمع الدولي استغل القرارات الأممية أحيانًا كغطاء لتدخلات متناقضة المصالح.الانقسام الداخلي وغياب الإرادة الوطنية الموحّدة جعل أي تسوية عرضة للانهيار.تدفق السلاح واستمرار الفوضىعمّقا الأزمة بدل حلها.
كيف يكون الحل؟الحل لن يأتي من الخارج مهما تغيّرت المبعوثات، بل من إرادة ليبية صادقة تتبنى خطوات عملية واضحة:
1. عقد مؤتمر وطني جامع بإدارة ليبية يفضي إلى ميثاق وطني مكتوب.
2. التوافق على قاعدة دستورية مؤقتة تمهيدًا لانتخابات عامة بموعد ملزم وضمانات محلية ودولية.
3. تنفيذ إصلاح أمني شامل يضمن توحيد المؤسسة العسكرية وتجريم العمل المسلح خارج الدولة.
4. وضع آلية شفافة لإدارة الموارد تخضع لرقابة وطنية وتضمن توزيعًا عادلًا للعائدات.
5. حصر دور المجتمع الدولي في الدعم الفني والرقابة، مع آلية واضحة لإعادة الأموال المجمدة تدريجيًا إلى الليبيين.
تصريحات المبعوثة هانا تيتية والبيان الرسمي للبعثة الأممية يكشفان أن سقف الدور الدولي في ليبيا بات محدودًا، وأن الحل الحقيقي لن يُفرض من الخارج. اليوم، باتت الرسالة أوضح من أي وقت مضى: إما أن يتوافق الليبيون على مشروع وطني جامع يضع حدًا للانقسام، أو تبقى بلادهم رهينة إدارة الأزمة وتدويرها إلى ما لا نهاية.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا