انتقد عاطف الحاسية، عضو التكتل المدني الديمقراطي، ما يعرف بـ “الحوار المهيكل” المطروح من البعثة الأممية في ليبيا، واصفًا إياه بمحاولة دبلوماسية لفرض تنظيم شكلي على حالة الفوضى المستمرة، خصوصًا في ظل غياب مشاركة حقيقية لليبيين بمختلف أطيافهم.
وخلال مداخلة له على قناة الوسط، ورصدتها “الساعة 24” أوضح الحاسية، أن الحديث عن “حوار مهيكل” يفترض وجود محددات واضحة تحكمه، إلا أن الواقع يعكس غياب هذه الأسس، ما يجعل استخدام المصطلح أشبه بمحاولة تجميل لحالة سياسية مضطربة. مضيفاً أن الأطراف المشاركة في الحوار غالبًا ما تكون القوى الطامحة للوصول إلى السلطة، وتستغل هذا المسار لترويج برامجها السياسية والأمنية والسيادية والاجتماعية، بما يشمل رؤى وحدوية أو إقليمية حول دور ليبيا في المسرح الدولي.
كما وجه الحاسية، انتقاداً لدور البعثة الأممية للدعم، معتبرًا أنها بدأت بإدخال مصطلحات جديدة على خارطة الحوار السياسي، في حين تتجاهل التواصل الحقيقي مع الليبيين.
وبيّن أن البعثة تكتفي بالتفاوض مع ممثلي القوى السياسية والعسكرية والدبلوماسية، دون إشراك القاعدة الشعبية التي يُفترض أن تكون المحرك الأساسي لأي عملية سياسية مستدامة.
وأكد الحاسية أن الجمع بين مصطلحي “الحوار المهيكل” و”مشاركة الليبيين” يحمل تناقضًا جوهريًا، إذ أن الحوار وفق النموذج الحالي لا يعكس إرادة الشعب بقدر ما يعكس تفاهمات بين النخب السياسية والعسكرية، ما يفتح الباب أمام مزيد من الإقصاء السياسي والشعبي.
ورأى الحاسية أن البعثة فقدت الكثير من قوتها وتأثيرها منذ تأسيسها، إذ أصبحت تكتفي برصد الوقائع، وإعداد تقارير لمجلس الأمن حول المرتزقة والسجناء والمجموعات الخارجة عن سيطرة الدولة، دون أدوات حقيقية للتغيير، مؤكداً أن هذا الدور يجعلها مجرد “كاتبة أوراق” وليست فاعلة في إحداث تحول ملموس على الأرض.
وفي تحليله للمشهد الليبي، أشار الحاسية إلى انقسام موازين القوى بين القيادة العامة في الشرق والجنوب، من جهة، وتشكيلات مسلحة – بعضها خارج إطار الدولة – في الغرب، خصوصًا في طرابلس، حيث وصف المجتمع الدولي الطرف الغربي بـ “غير الموثوق”. مضيفاً أن مستقبل ليبيا مرتبط بتغيير موقف القوى الكبرى، وخصوصًا الولايات المتحدة، مشددًا على ضرورة أن يكون الاهتمام الأمريكي بالملف الليبي استراتيجيًا، وليس مجرد تحرك سياسي محدود.
كما وصف الوعود الأممية بإجراء انتخابات أو تغيير الحكومة خلال أشهر، بأنها غير واقعية، مستشهدًا بتجربة السنوات العشر الماضية التي أظهرت عجز الأمم المتحدة عن تحقيق تحول حقيقي في البلاد.
وختم الحاسية حديثه بالدعوة إلى الحل الليبي الذاتي، من خلال فتح نقاش وطني حول “الخيار التأسيسي”، مؤكدًا أن مستقبل الدولة لن يتحدد إلا عبر معالجة المسألة التأسيسية، حتى لو استغرق ذلك وقتًا يمتد إلى جيل الأبناء.