القاهرة – (ليبيا 24):
تصدر الملف الليبي أجندة المباحثات المصرية التونسية، حيث اجتمعت الرؤيتان في العاصمة الإدارية الجديدة حول مبدأ ثابت وأساسي: أن يكون مستقبل ليبيا بيد أبنائها فقط.
جاء هذا التأكيد المشترك خلال الدورة الثامنة عشرة للجنة العليا المصرية التونسية المشتركة، التي مثلت إطاراً لدعم الاستقرار الليبي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين، الذي يُرى كأحد أدوات تحقيق الاستقرار الإقليمي.
ليبيا.. الملف الأبرز على طاولة القادة
على خلفية التطورات المتلاحقة في الجارة المشتركة، لم يكن مفاجئاً أن يحتل الملف الليبي الصدارة في اللقاءات الثنائية رفيعة المستوى.
فقد ناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن رمضان، خلال لقائهما، السبل الكفيلة بدعم السيادة الوطنية الليبية ووحدة أراضيها.
وتوجت هذه المشاورات بتصريح واضح وصريح من رئيسة الحكومة التونسية خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء المصري د. مصطفى مدبولي، حيث أكدت أن “الحلول هناك يجب أن تكون ليبية ليبية دون تدخل أجنبي”.
هذا الموقف ليس جديداً على البلدين، ولكنه يأتي في توقيت بالغ الأهمية لتجديد التأكيد على رفض أي مساعٍ للهيمنة الخارجية أو تقسيمية على حساب الشعب الليبي.
جوار مشترك ومسؤولية مضاعفة
يضع الموقع الجغرافي لكل من مصر وتونس، كجارتين مباشرتين لليبيا، عليهما مسؤولية تاريخية وأمنية تجاه استقرارها، إن أي اهتزاز أمني في ليبيا يؤثر مباشرة نحو عاصمتيهما، مما يجعلهما الأكثر حرصاً على إيجاد حل سياسي شامل ينهي سنوات من الصراع.
هذا الفهم المشترك للمخاطر والفرص هو ما يجعل التنسيق المصري التونسي ليس ترفاً سياسياً، بل ضرورة استراتيجية لأمن المنطقة بأكملها.
الدبلوماسية الاقتصادية.. تعاون ثلاثي لدعم الاستقرار
بالخطابات السياسية، سعت القاهرة وتونس إلى ترجمة دعمهما لليبيا إلى أفعال ملموسة، حيث تمت مناقشة كيف يمكن للتعاون الاقتصادي الثنائي أن يمهد الطريق لتعاون ثلاثي مع ليبيا المستقرة في المستقبل.
وأشارت رئيسة الحكومة التونسية إلى الثروة البشرية والكفاءات الكبيرة في البلدين، ودعت إلى تشجيع المستثمرين المصريين والتونسيين على “العمل معاً وبناء شراكات في أفريقيا”.
وفي هذا الإطار، تستطيع مصر وتونس، بفضل مواقعهما الإقليمية، لعب دور جسر اقتصادي حيوي؛ حيث تتمتع مصر بوجود قوي في شرق ووسط أفريقيا، بينما لتونس حضور فاعل في غربها.
إن الجمع بين هذه المزايا يمكن أن يخلق كتلة اقتصادية عربية فاعلة في القارة، يكون لليبيا المستقرة مكانها الطبيعي فيها، مما يعزز بدوره أسباب الاستقرار والتنمية.
توافق في الرؤى حول الملفات الإقليمية الأخرى
إلى جانب الملف الليبي، تطرقت المباحثات إلى القضية الفلسطينية، حيث أكد الجانبان على رفض سياسة التهجير والتمسك بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
كما تم استعراض سبل تعزيز العلاقات الثنائية، حيث اتفق الجانبان على ضرورة رفع حجم التبادل التجاري إلى المستوى المأمول الذي يتناسب مع العمق التاريخي والسياسي للعلاقات بينهما.
خاتمة.. رسالة طمأنينة إلى الشعب الليبي
في الختام، يمكن قراءة نتائج هذه الجولة من المباحثات المصرية التونسية كرسالة طمأنينة قوية موجهة إلى الشعب الليبي الشقيق، مفادها أن جارته الكبرى ومحيطه الإقليمي يقفان معاً خياره السيادي، ويرفضان أي محاولات لاستقطاباته أو إطالة أمد أزمته.
إن التأكيد المصري التونسي المتزامن على مبدأ “الحل الليبي الخالص” يمثل إسهاماً مهماً في دعم مسارات الحل السياسي تحت مظلة الأمم المتحدة، ويعكس إدراكاً راسخاً أن أمن ليبيا هو جزء لا يتجزأ من أمن وتكامل المنطقة العربية بأسرها.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا