رأى المحلل السياسي محمد محفوظ، أن الاتفاق الذي جرى بين حكومة الوحدة المؤقتة وجهاز الردع هش، مشيرا إلى أنهما لم يعلنا رسمياً تبني بنوده، وكل ما تمّ تداوله حتى الآن مجرد تسريبات عبر وسائل الإعلام.
وقال محفوظ في تصريحات لقناة «العربية الحدث»: “الإعلان الرسمي يعني التزاماً سياسياً وقانونياً، وأي إخلال به سيضع الطرف المخالف في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، وخاصة أمام تركيا التي لعبت دوراً بارزاً في رعاية التفاهمات. فهو لم يتضمن أي إشارة إلى مسألة تسليم السلاح، بل اقتصر على عدم تمركز جهاز الردع داخل مطار معيتيقة الدولي، باعتبار أن المطار جزء من قاعدة عسكرية كبرى تضم مرافق مدنية وعسكرية”.
وأضاف “جهاز الردع كان طوال السنوات الماضية يؤمن المطار ويسيطر على جزء من مرافقه، وهو ما اعتبرته الحكومة مصدراً لنفوذه، وهناك محاولات سابقة لنقل تبعية المطار للجهات الرسمية لم تصمد أمام الواقع، ووجود قوات تركية داخل قاعدة معيتيقة جعل من الصعب على الحكومة التفكير في مواجهة مسلحة مباشرة مع جهاز الردع، خاصة بعد حادثة مايو الماضي حين أسقطت تركيا طائرات مسيّرة حاولت الحكومة استخدامها ضد خصومها، في رسالة واضحة بأنها لن تسمح بتوظيف المسيرات في أي صراع داخلي قادم”.
وتابع “تركيا ليست معنية بوجود الردع في المطار بقدر اهتمامها بضمان عدم تفرد الحكومة بالسيطرة المطلقة على طرابلس والمنطقة الغربية، وأنقرة تدرك أن سقوط تشكيلات كبرى مثل جهاز دعم الاستقرار بقيادة غنيوة الككلي أضعف موازين القوى، وأن ترك المجال مفتوحاً أمام حكومة الدبيبة للهيمنة الكاملة قد يعرقل فرص ضبط العملية السياسية المقبلة”.
واستطرد “الضمانة الوحيدة لتنفيذ الاتفاق فعلياً على الأرض تكمن في الرعاية والتدخل التركي المباشر، مشيراً إلى أن كل المحاولات المحلية السابقة من لجان فض النزاعات والأعيان والحكماء أو حتى المبادرات الرسمية للمجلس الرئاسي لم تنجح في الوصول إلى تسوية دائمة، فالنقاش حول الميليشيات والتشكيلات المسلحة ما زال خاضعاً للاعتبارات السياسية، حيث يتم تصنيف بعض التشكيلات على أنها منضبطة ونظامية، فيما تُوصم أخرى بأنها غير نظامية بحسب المواقف والولاءات، وهو نهج غير منطقي”.
واستكمل “نحن لا نعترف بأي تشكيل عسكري خارج إطار الجيش والشرطة، فإذا أردنا دولة حقيقية في ليبيا، يجب أن تكون كل القوى المسلحة تحت هذين الإطارين فقط، فالأطراف السياسية اعتادت أن تشرعن من يخدم مصالحها وتقصي من يخالفها باعتباره ميليشيا، وما حسم اتفاق معيتيقة لم يكن الجهود المحلية، بل تدخل وفد رفيع المستوى بقيادة المخابرات التركية التي مارست ضغطاً لإنجاح التفاهمات”.