عاجل ليبيا الان

حمام ليبيا بآلاف الدولارات… من يزايد؟

مصدر الخبر / Independent

يسود الصمت أخيراً بين الحاضرين بعد صخب كبير، بينما يردد المشرف على المزاد رقم 20 أو 30 ألف دينار (ما يعادل مبلغ ألفي أو ثلاثة آلاف دولار تقريباً) معلناً بيع البضاعة لصاحب السعر الأعلى، وهذه البضاعة ليست إلا حمامة أو زوجاً من الحمام، وهو المشهد الذي يتكرر عشرات المرات على مدار أيام خلال الآونة الأخيرة داخل معارض خاصة.

“الريشة الذهبية” الاسم الذي اختاره المشرفون على مزاد جديد من هذا النوع داخل مدينة بنغازي في دورته الجديدة، وهو من أبرز وأهم معارض الحمام في ليبيا وأقدمها، وبفتحه يتجدد الجدل الذي اتسع أخيراً بخصوص الأسعار الباهظة التي وصل إليها حمام الزينة، وأسباب هذا الارتفاع وتأثيره في تلك الهواية الضاربة في القدم.

نظام دقيق

اللجنة المشرفة وضعت نظاماً متكاملاً لتسيير المزاد، بداية من عرض الحمام الذي يرغب صاحبه في المشاركة به لتقييمه وتحديد أحقيته في دخول المزاد، ثم تسجيله برقم تسلسلي معين يحدد دوره في البيع، وهذه الإجراءات تجري كل يوم خلال أيام المزاد السبعة التي حددت له.

ولا تقتصر المشاركة في المعرض والمزاد على المربين من مدينة بنغازي فحسب، بل يتوافد مربو الحمام من كل أنحاء ليبيا للمشاركة به وعرض طيورهم وبيعها بأسعار ضخمة قد لا تتوافر خارج هذه المزادات والمعارض.

 

يلاحظ المشاهد للمزاد أن كل طير يُعرض تُقدم له سيرة ذاتية تبين نوعه وعمره، وهل أنتج أفراخاً من قبل، والأهم من قام بتوليده من الأسماء المعروفة بين مربي الحمام، فكلما كان اسم المربي رناناً قفز سعر الطير لأنه يضمن نقاء سلالته وحسن رعايته.

المشرف على تنظيم وتسيير معرض “الريشة الذهبية” في مدينة بنغازي صالح سويري يرى أن “هذه المعارض أضافت كثيراً للمربين على رغم الانتقادات التي تتعرض لها، لأن هواية تربية الحمام تأسر القلوب منذ القدم، ومع زيادة الإقبال على تربية هذه الطيور الجميلة ورواجها بين الشباب حتى باتت هناك أنواع جديدة تستورد من الخارج، وزيادة الطلب رفعت أسعار الحمام مما استلزم بالتالي ضرورة تنظيم عمليات بيعه وشرائه بضمانات توفرها هذه المزادات أكثر من غيرها”.

ومع هذه الزيادة في الاهتمام بتربية الحمام والارتفاع في أسعاره تطورت هذه الحرفة لدى المربين من الهواية إلى الاحتراف، حتى أصبح بينهم من يقوم بتهجين أنواع جديدة بألوان نادرة يطلق عليها اسم “الطفرة”، وهذه الطفرات تباع بأسعار تزيد بأضعاف كثيرة على سعر الحمام العادي.

المربي صالح سويري كان من رواد هذه التجربة اللافتة، يقول عنها إن “تهجين صنف جديد من الحمام يأخذ وقتاً طويلاً قد يمتد لأعوام، فإدخال نوع من الحمام على نوع آخر مخالف له ليس هيناً، وخصوصاً سحب لون مميز من نوع معين ونقله إلى نوع مختلف، وللوصول إلى النوع واللون المطلوبين يحتاج الأمر إلى صبر وجهد قد يمتد لأربعة أو خمسة أعوام”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف “بدأت الفكرة والتجربة لدى المربين المحليين عندما دخلت أصناف جديدة بألوان مختلفة بلادنا، ونجاح هذه التجربة كان مدهشاً، ليس للمهتمين بالحمام داخل ليبيا فحسب، بل وحتى عند المربين في الخارج الذين صدروا أنواعاً معينة إلينا وانبهروا بعملية تهجينها على يد المربي الليبي، حتى باتت الأعين مسلطة عليه في دول الجوار لنجاحه في تطوير سلالات الحمام”.

وتابع “بالتأكيد المربي الليبي حصد ثمار هذا الصبر والجهد لأن الحمام المهجن أصبح مرغوباً بشدة، فهو صنف نادر الوجود حتى خارج ليبيا، بالتالي سعره مرتفع وبفارق كبير عن أنواع الحمام العادي، حتى إن بعض الأنواع وصل سعرها إلى 120 ألف دينار ليبي (22 ألف دولار) للزوج الواحد من الحمام”.

وعن أعلى الأسعار التي وصل إليها سعر الحمام خلال المزادات التي نظمت بمعرض “الريشة الذهبية”، قال سويري “أعلى سعر سجل في معرضنا كان 55 ألف دينار ليبي (10 آلاف دولار)، وما يحدد سعر الحمام هو مواصفاته من حيث الحجم واللون”، علماً أنه كلما قل حجم الحمامة مع تناسق ريش الجناحين والذيل ارتفع سعرها، بحسب ما أخبرنا بعض المربين المشاركين في المزاد.

مخاوف مبررة

وصول ثمن بعض أنواع الحمام إلى هذا السعر المرتفع يعده بعض سلاحاً ذا حدين، فبعض المربين يخشى اقتناء حمامة بهذا السعر لأن بورصة الأنواع المرغوبة متقلبة، وكما ترتفع بعض الأنواع بسرعة إلى القمة تهوي غالباً بالسرعة ذاتها، ويهوي معها سعرها إلى الحضيض.

وشبه المربي صالح سويري هذا التقدم والتراجع لبعض أنواع الحمام بالمد والجزر، وقلل من تأثيره في المربي المحنك، فـ”سوق أنواع الحمام متقلبة مثل أية سلعة تباع، ولكن المربي المحنك لا يخشى ذلك، ويعرف كيف يتعامل مع هذه التقلبات ويصمد أمامها مستنداً إلى خبرته وذكائه، وذلك عبر تطوير سلالة الطير الذي يتراجع الطلب عليه، ويخرجه بحلة جديدة تعيده إلى قائمة الحمام المرغوب”.

 

معارض ومزادات الحمام التي تنامى عددها واتسع نطاقها خلال العامين الماضيين شكلت حافزاً كبيراً للمربي الليبي لتطوير هوايته وطيوره والظهور بها بصورة ملائمة أمام عيون المتابعين لهذه المعارض، بحسب المربي محمد القبايلي.

ويوضح المربي أن “انتشار مقاطع هذه المزادات وما يعرض بها من طيور أسهمت في انتشار سمعة المربي الليبي حتى خارج حدود البلاد، وهذا ما لمسناه من خلالنا مع تواصلنا مع مربين من دول أخرى خصوصاً العربية، وإشادتهم بمستوى ملاك الطيور المحليين، وهذا يزيد من ثقتهم بأنفسهم وحماستهم لهذه الهواية التي أخذت تتطور لتصبح مهنة احترافية”.

وعلق القبايلي على الانتقادات التي وجهت للمزادات وتصف أسعار الحمام المعروض بها بـ”المبالغ فيها” مقارنة بأسعار الحمام في السوق العادية بقوله “حقيقة هناك مزادات معينة بها مبالغات في الأسعار، لكن هناك مزادات عرفت بصدقية القائمين عليها، لذلك تجد بعض المربين لا يشاركون إلا في مزادات معينة”.

ولعدم الوقوع في فخ الأسعار المضللة والأنواع التي يشبه صعودها صعود الفقاعة وسرعان ما تنفجر، ينصح المربي فايز السعيطي المربين الذين يشاركون في هذه المزادات بضرورة اكتساب الخبرة قبل المشاركة فيها، وخصوصاً بالنسبة إلى الدخلاء الجدد على هواية تربية الحمام الذين اتخذوها تجارة، ومعظمهم يغادر بسرعة لعدم معرفته بتقلبات السوق وتكرار خسائره المادية.

الأسعار الكبيرة التي وصل إليها حمام الزينة في ليبيا منذ دخول الأصناف المستوردة إلى البلاد خلال الأعوام الماضية غير شكل الهواية ومضمونها تماماً، بداية من مكان تربية الحمام الذي لم يعد أبراجاً على السطح، أو غرفاً من الصفيح، بل تُهيأ له غرف مجهزة ومغلقة وأقفاص لا يغادرها كثيراً، وتوفر له أجود أنواع الحبوب والدواء للحفاظ على صحة الطير وضمان سلامته حتى لا يضيع ما دُفع فيه من أموال ضخمة.

العالم العربي
العالم العربي
العالم العربي
العالم العربي

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

Independent

أضف تعليقـك

أربعة عشر + 17 =