ليبيا الان

القاضي: هناك خارطة طريق مختلفة عن خطة “تيتيه” يجري العمل عليها بهدوء

مصدر الخبر / صحيفة الساعة 24

أكد الدكتور عبد الباسط القاضي، المستشار السياسي للأمن القومي أن المبادرة الأخيرة التي طرحتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه، تمثل محاولة جديدة لمعالجة جذور الأزمة الليبية، وليس مجرد دعوة تقليدية لإجراء الانتخابات كما كان الحال سابقًا.

وأشار القاضي ، في مداخلة هاتفية عبر قناة “الوسط”، إلى أن غياب الجدول الزمني المحدد لتنفيذ الخارطة، بالإضافة إلى عدم توضيح البدائل في حال فشل الخطة، يشكل نقطة ضعف أساسية أربكت المشهد السياسي.

واعتبر أن التوترات الأمنية الأخيرة في طرابلس، التي تزامنت مع إعلان الخطة، زادت من صعوبة المهمة الأممية، مما دفع البعثة إلى دعم الاتفاق الأمني الذي تم بضمانة تركية.

وأوضح أن البعثة تسعى حاليًا لتشكيل لجنة فنية من الخبراء تتولى إعادة صياغة القوانين الانتخابية، وسد الثغرات الدستورية خلال مدة لا تتجاوز شهرين، متجاوزة بذلك الجمود السياسي الناتج عن عدم توافق مجلسي النواب والدولة، غير أن القاضي تساءل عن الجهة التي ستتولى فرض هذه القوانين حال رفضها من المجلسين، مشددًا على ضرورة الإفصاح عن طبيعة الضمانات الدولية المرتقبة، والتي لم تُعلن حتى الآن.

وفيما يتعلق بالانقسام الحكومي، اعتبر أن وجود حكومتين متنافستين، إحداهما في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، يمثل عقبة كبرى أمام توحيد المؤسسات، ويهدد بشكل مباشر وحدة البلاد.

وأضاف أن الخطة الأممية تقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية مصغرة، تتكون من شخصيات تكنوقراط محايدة تتولى الإشراف على الانتخابات وتوفير الخدمات الأساسية، دون أن تشارك في الاستحقاق الانتخابي، معرباً عن قلقه من قدرة البعثة على تنفيذ هذه الفكرة، متسائلًا عن آلية اختيار رئيس الحكومة الجديدة، وكيفية إقناع الدبيبة بالتنحي، في ظل رفضه المعلن لتسليم السلطة، حتى لجهة منتخبة.

كما سلط الضوء على معضلة الميليشيات المسلحة التي تسيطر على الأرض، وتمتلك نفوذًا داخل المؤسسات الاقتصادية الحيوية، مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، مما يجعلها عُرضة للابتزاز السياسي الدائم.

ورأى القاضي، أن الخطة تتضمن إطلاق حوار مجتمعي شامل يضم قيادات عسكرية، وزعماء قبائل، وخبراء اقتصاديين، بهدف توحيد المؤسسة العسكرية، وتحديد آلية عادلة لتوزيع عائدات النفط. لافتاً إلى أن هذا المسار يمس جوهر الصراع الليبي، ما يتطلب تنازلات عميقة من جميع الأطراف، ويعكس مدى تعقيد الوصول إلى تسوية شاملة.

ولفت القاضي إلى أن نجاح المبادرة الأممية مرهون بتوفر إرادة سياسية حقيقية، وضمانات دولية فاعلة، تُمكّن من تنفيذ الحلول المقترحة على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن غياب هذه العوامل قد ينسف العملية برمتها.

وتابع: المسار السياسي في ليبيا ما يزال مرتهنًا بإرادة مجلسي النواب والدولة، اللذين يملكان حتى اليوم أدوات تعطيل المرحلة الانتقالية، رغم تصاعد الحديث عن “الخيار الرابع” كحل محتمل لفرض مسار جديد.

وأوضح القاضي أن البعثة الأممية لم تطرح هذا الخيار بشكل رسمي، رغم تلميحات بعض الأطراف إليه، مشيرًا إلى أن الخريطة الحالية تفتقر إلى توضيحات حاسمة بشأن الجهة التي تملك صلاحية تفعيل هذا المسار، فضلًا عن غياب الآليات العملية لتنفيذه.

وأردف: القبول بالخروج من المرحلة الراهنة دون توافق شامل يُعد أمرًا غير واقعي، في ظل تعقيدات المشهد السياسي والمؤسساتي، حيث ما تزال القوانين الانتخابية المعتمدة من قبل مجلس النواب مصممة بشكل يخدم مصالح أطراف بعينها لضمان بقائهم في السلطة، وهو ما شكّل أحد أبرز أسباب فشل انتخابات 2021.

وشدد القاضي على أن انتظار توافق بين مجلس النواب ومجلس الدولة يُعد ضربًا من المستحيل، ما يستدعي من البعثة الأممية التحرك نحو تفعيل “الخيار الرابع”، مع ضرورة تشكيل لجنة فنية من الخبراء لإعادة صياغة القوانين الانتخابية وسد الثغرات الدستورية التي سبّبت الخلاف بين الجسمين.

وأشار إلى أن المدة الزمنية المقترحة – وهي شهران – لإنجاز هذا المسار، غير كافية في ظل الظروف الراهنة، داخليًا ودوليًا، حيث تشهد الساحة العالمية اضطرابات متسارعة، من بينها التوترات على الحدود البولندية، وتصاعد التوترات في سوريا وقطر، ما قد ينعكس سلبًا على مستوى الدعم الدولي للبعثة الأممية.

واعتبر القاضي أن هذه الاضطرابات قد توفر غطاءً للراغبين في البقاء في السلطة من أجل تمديد الوضع القائم، مؤكدًا أن أحد الأعمدة الأساسية التي تعتمد عليها البعثة لتحقيق خطتها يتمثل في الدعم الدولي، والذي بات اليوم مشتتًا بسبب صراعات كبرى، أبرزها المواجهة الغربية مع روسيا.

واستطرد قائلاً: إن الحديث عن زخم دولي لدعم خارطة طريق جديدة أصبح أمرًا بعيد المنال، كما أن تشكيل حكومة موحدة أو عقد حوار مجتمعي شامل خلال فترة قصيرة، هو أمر غير واقعي. مبيناً أن ليبيا تعاني من انقسام مؤسساتي واضح، وهشاشة في الوضع الأمني، إلى جانب تغلّب المصالح الضيقة والنزعة نحو الاستعراض السياسي على حساب المصلحة الوطنية، مؤكدا على أن الأدوات المتوفرة حاليًا على الأرض لا تخدم الانتقال إلى مرحلة جديدة، بل تسهم في إطالة أمد الأزمة، مشيرًا إلى أن “الخيار الرابع” لن يجد أرضية مناسبة للتنفيذ في ظل المعطيات الحالية، ما يجعل مستقبل العملية السياسية مفتوحًا على مزيد من التعقيد، خاصة في ظل استمرار غياب التوافق الدولي.

وذكر القاضي، أن رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، يتمسك برفضه القاطع لتسليم السلطة لأي حكومة انتقالية جديدة، مشددًا على أنه لن يتنحى إلا لصالح حكومة منتخبة عبر انتخابات تشريعية شاملة، وهو ما يمثل عقبة جوهرية أمام أي حلول أممية مقترحة لتسوية الأزمة الليبية.

وأشار القاضي إلى وجود تباين كبير بين الخطاب العلني والمداولات الجارية بين حكومة الوحدة، والدول الفاعلة مثل تركيا وبريطانيا، وبعض الأطراف الغربية الأخرى.

وأضاف أن هناك مقترحًا غير معلن بدأ يُناقش بشكل فعلي بين عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، يقضي بتجنب خيار تشكيل حكومة انتقالية جديدة، لما قد يسببه من إطالة أمد الأزمة وتعقيد المشهد السياسي. ويقوم هذا الطرح، وفقًا للقاضي، على منح حكومة الدبيبة الثقة مجددًا، مقابل إدخال تعديلات وزارية واسعة تُرضي مختلف الأطراف، لا سيما القوى في الشرق والغرب والجنوب، ومجلس الدولة الاستشاري.

وأشار القاضي إلى أن هذا المقترح يأتي نتيجة قناعة متزايدة لدى عدد من العواصم الدولية بأن الانسداد السياسي الحالي في ليبيا، في ظل تعقيدات المرحلة، لا يمكن تجاوزه إلا من خلال تسوية مؤقتة تُبقي على الدبيبة رئيسًا للحكومة، ولكن بطاقم وزاري جديد يعكس التوازنات الداخلية.

كما كشف أن تقارير دولية اطلعت عليها بعض الأطراف تؤكد أن استمرار الدبيبة في منصبه قد يكون الحل الأقل تكلفة سياسيًا لتفادي الدخول في فوضى جديدة، خاصة في ظل الانقسام الحاد بين المؤسسات الليبية.

وفي الختام، لفت القاضي إلى أن الخطط البديلة التي يتم التداول بشأنها بين القوى الكبرى مثل تركيا، إيطاليا، وبريطانيا، تشير بوضوح إلى تجاوز خطة البعثة الأممية، رغم الإشادة بها علنًا، مؤكدًا أن هناك خارطة طريق مختلفة يجري العمل عليها بهدوء، وتستند إلى تفاهمات إقليمية أكثر من كونها أممية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة الساعة 24

عن مصدر الخبر

صحيفة الساعة 24

أضف تعليقـك

14 − ثلاثة =