قال عبد الباسط الحداد، المحامي أمام المحكمة العليا، إن اختلاف تكوين الميليشيات الليبية عن مثيلاتها في الدول العربية المجاورة يكمن في ولاء هذه المجموعات لأشخاص محددين، بحيث لا تستطيع الدولة تغيير قياداتها أو التأثير عليها، حتى بعد إصدار قرارات رسمية تمنحها الشرعية، على عكس التجارب في دول أخرى حيث يمكن للسلطة تغيير القيادات أو تكليف مسؤولين آخرين بإدارتها.
وأضاف الحداد، في مقابلة مع “قناة سلام” أن المجموعات المسلحة التي كانت بلا اسم رسمي سابقاً، وتتبع أشخاصاً محددين، استطاعت في فترات سابقة الضغط على الحكومة واستصدار قرارات رسمية تمنحها شرعية شكلية.
ولفت إلى أن جهاز دعم الدعم والاستقرار، على سبيل المثال، كان تحت سيطرة مجموعة معينة واستصدر له قرار رسمي، ليصبح ممولاً من الدولة ويستفيد من ميزانية محددة، ما أعطاه شرعية شكلية، وهو ذات الأمر الذي تكرر مع جهاز الردع بقيادة عبد الروف كارة وبعض المسلحين، حيث تم تأسيسه بقرارات رسمية لتصبح جزءاً من الهيكل الرسمي للدولة من الناحية الشكلية، رغم أنهم لم يلتزموا بقرارات الدولة أو أوامر السلطات المختصة، ليصبحوا سلطة داخل السلطة.
ونوه الحداد بأن هذه التجربة ظهرت جلياً بعد السيطرة على مقرات جهاز دعم الاستقرار، حيث تم العثور على العديد من الأشخاص المحتجزين دون أي إجراءات رسمية من النيابة أو القضاء.
وبينّ الحداد، أن جهاز الردع، الذي تسلمت منه الجهات الرسمية السيطرة على مواقع حساسة مثل المطارين الرئيسيين، والسجون الكبيرة في طرابلس، يمثل نموذجاً بارزاً على هذه الظاهرة، حيث احتجز أعداداً كبيرة من المساجين بعضهم تحت إشراف النيابة، في حين بقيت الممارسات الفعلية لهذه الأجهزة غير خاضعة للرقابة الكاملة للدولة.
ورداً على سؤال حول الجوانب القانونية المتعلقة بإجراء المحاكمات وتصنيف السجناء والتهم الموجهة إليهم، أشار المحامي عبد الباسط الحداد إلى أن قانون السجون يحدد عدة فئات لتصنيف النزلاء، موضحاً أن التصنيفات تشمل المحكومين بالإعدام، والمحبوسين لفترات طويلة تفوق عشر سنوات، وكذلك من لديهم أحكام قصيرة تقل عن عشر سنوات، مؤكداً أن هذا التصنيف يستند إلى قرار رئيس مجلس الوزراء، بحيث يتم تصنيف كل نزيل وفق الجرائم التي أدين بها والعقوبات الصادرة بحقه.
وتابع الحداد: هذا التصنيف يعد إجراءً إدارياً داخل السجون، وهو مطلوب تسليمه إلى وزارة العدل، الجهة المشرفة على الشرطة القضائية، أو الجهة المسؤولة عن إدارة السجون.
كما بين أن بعض السجون المركزية قد تحتوي على تصنيفات إضافية وفق الحاجة التنظيمية والإدارية.
ورأى الحداد أن النيابة العامة يفترض أن تبسط سيطرتها على كافة السجون، وأن تتولى الإشراف الكامل على إدارتها، فضلاً عن إقامة الدعاوى الجنائية ضد كل من ارتكب أفعالاً يجرمها القانون، بما في ذلك قادة الميليشيات والأجهزة المسلحة.
وأكد أن أداء النيابة العامة خلال الفترة الماضية شهد العديد من الملاحظات، حيث تم رصد حالات تعذيب وإخفاء قسري واحتجاز خارج الإجراءات القانونية، إلى جانب عدم تنفيذ أوامر النيابة من قبل بعض الجهات.
وفي ختام حديثه أشار إلى أن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، مدعومة بالدعم الشعبي، توفر فرصة للنيابة العامة لمحاسبة كل قادة الميليشيات الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون، وتعزيز سلطة الدولة على السجون وإجراءات العدالة الجنائية.