قال المحلل السياسي محمد امطيريد، إن مسار الحل الذي تقوده البعثة الأممية يواجه عرقلة داخلية واضحة، في ظل واقع تتشابك فيه موازين النفوذ بين التشكيلات المسلحة والسلطات التنفيذية، وبفعل دعم خارجي متضارب، الأمر الذي يعزز من استمرار حالة الجمود السياسي.
وأوضح لتلفزيون “المسار”، أن الخطة التي عرضتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه أمام مجلس الأمن قبل قرابة شهر لم تلقَ تجاوباً ملموساً من الفرقاء الليبيين، بل اصطدمت منذ البداية بتعقيدات الواقع الداخلي، محذراً من أن تناقضاتها قد تُمدّد المرحلة الانتقالية إلى عام 2031، وهو ما وصفه بـ “الكارثة الكبرى”.
وبيّن أن هذه الخطة تنص على مرحلة انتقالية أولى مدتها أربع سنوات، يعقبها مسار آخر يمتد لـ18 شهراً، بما يعني أن ليبيا ستظل في دائرة انتقالية لسنوات طويلة، معتبراً أن ذلك يعكس خللاً هيكلياً وتناقضات صريحة، خاصة فيما يتعلق بالمدد الزمنية والجهات المسؤولة عن التنفيذ.
ورأى امطيريد أن الجهود التي يقودها كبير مستشاري الرئيس الأميركي مسعد بولس، منفصلة عن تحركات البعثة الأممية، تبدو أكثر واقعية، إذ انطلقت من لقاءات مباشرة مع القوى الفاعلة في المشهد الليبي.
كما انتقد توجه البعثة نحو إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، مؤكدا أن تحميل المفوضية مسؤولية تعطيل الانتخابات غير منصف.
وأشار امطيريد إلى أن تركيز الاهتمام على المفوضية يهدف عملياً إلى تأجيل الحل وكسب الوقت، في وقت تنشغل فيه القوى السياسية بمعارك جانبية.
وشدد على أن الحل الحقيقي لا يمر عبر إعادة تدوير الأجسام السياسية القائمة مثل مجلسي النواب والدولة، بل عبر مخاطبة مراكز القوة الفعلية على الأرض، كما فعل المبعوث الأميركي مسعد بولس بلقاءاته مع الأطراف المؤثرة في الشرق والغرب، دون الانشغال بتفاصيل شكلية كالقاعدة الدستورية أو إعادة تشكيل المفوضية.
وأضاف أن البعثة الأممية تجاهلت طويلاً الواقع الميداني للنفوذ، وأصرت على إشراك أطراف لا تملك تأثيراً سياسياً أو أمنياً أو حتى جماهيرياً، وهو ما جعلها من وجهة نظره تتحول إلى “شركاء في الأزمة” قبل أن يُعاد تدويرهم لاحقاً كشركاء في الحل.
ولفت امطيريد إلى أن الاجتماعات الأخيرة في روما برعاية مسعد بولس ركزت على وضع شروط واضحة أمام حكومة الدبيبة، أبرزها إيجاد حل جذري لملف الميليشيات في العاصمة، معتبراً أن هذا الملف سيكون محوراً حاسماً في المرحلة المقبلة، لكونه سيحدد مصير التفاهمات السياسية.
ورأى أن التحركات الدبلوماسية في روما وواشنطن تمثل مساراً موازياً للجهود الأممية، لكنه أكثر عملية، بينما تصطدم مساعي البعثة بعقبات داخلية وخارجية. وأوضح أن توحيد الحكومة، رغم كونه ركناً رئيسياً في خارطة الطريق الأممية، بات هدفاً صعب التحقيق بفعل تمسك الدبيبة بالسلطة مدعوماً بقوة الأمر الواقع وبغطاء خارجي.
وحذر من أن أي محاولة لتشكيل حكومة بديلة قد تقود إلى صدام داخلي أو تستدعي تدخلاً خارجياً مباشراً.
كما توقف عند شبكة العلاقات الدولية لعائلة الدبيبة، وخاصة علي الدبيبة، الذي تربطه علاقات ممتدة مع أطراف دولية منذ عقود.