اعتبر المحلل السياسي سالم الجلالي، أن الإحاطة الأممية الأخيرة بشأن الوضع الليبي قد تساهم في كسر الجمود السياسي على المستوى الدولي، غير أنها لن تُحدث أثرًا فعليًا على الأرض، حيث لا يزال المشهد خاضعًا لسيطرة مجموعات مستفيدة من استمرار الفوضى ونهب المال العام.
وأشار لـ “ليبيا الحدث” إلى أن هذه الأطراف الداخلية، التي وصف بعضها بأنها “شبيهة بالجماعات الإرهابية”، تتغذى على الفساد المالي، وتمارس النهب المنظم لأموال الليبيين، وتمثل قوة مؤثرة في غرب البلاد، وتحظى بدعم مباشر من رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، الذي لا يرغب في تنفيذ خارطة الطريق أو إيصال البلاد إلى صناديق الاقتراع.
ورأى الجلالي، أن تعنت الدبيبة ومجموعته، الذين يواجهون اتهامات واسعة من الشارع الليبي بالفساد ونهب المال العام، يعرقل أي تسوية سياسية حقيقية أو انتقال سلمي للسلطة، مشددًا على ضرورة أن تُعير بعثة الأمم المتحدة اهتمامًا أكبر لمطالب الشعب الليبي.
وأكد أن المواطن الليبي، هو من يطالب بإجراء الانتخابات باعتبارها السبيل الوحيد لبناء دولة مستقرة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، متهمًا الدبيبة بمحاولة إطالة أمد الأزمة عبر استغلال الإحاطة الأممية لمصلحته، إذ سعت معظم أطراف النزاع لاستخدام الرسائل، والتوصيات الواردة فيها لخدمة مواقفها السياسية بدل الالتزام بمضمونها.
وبينّ الجلالي، إلى أن مجلس النواب، رغم كونه أحد الأطراف المستهدفة بهذه الرسائل، أبدى استعداده الكامل للحوار والانخراط في مسار خارطة الطريق الأممية، بينما انتقد موقف بعض أعضاء مجلس الدولة الذين دعموا الدبيبة بهدف تعطيل المسار السياسي، مؤكدًا أن الدبيبة قام بإزاحة المشري من المشهد السياسي لأنه بدأ في استقبال مرشحي رئاسة الحكومة بجدية، ما هدد مصالحه ومصالح مجموعته.
وبحسب الجلالي فإن الدبيبة استخدم المال العام لرشوة بعض أعضاء مجلس الدولة لتوجيه الانتخابات الداخلية بما يخدم بقاءه، لإطالة عمر الأزمة، وتعزيز سيطرته على مفاصل الدولة في غرب البلاد، بما في ذلك مصرف ليبيا المركزي.
ورأى الجلالي أن العاصمة طرابلس تشهد انهيارًا أمنيًا حقيقيًا، مع حوادث سرقة بالإكراه في وضح النهار دون تدخل جاد من الجهات الأمنية أو حكومة الوحدة.
وأضاف أن الحكومة لم تتحرك لمعالجة الانفلات الأمني أو الأزمات الاقتصادية والسياسية، بل قمع الاحتجاجات الشعبية باستخدام القوة المسلحة والميليشيات الموالية لها.
وأكد الجلالي أن الحراك الشعبي لا يزال يطالب بإجراء الانتخابات وتغيير الحكومة، غير أن هذه المطالب جُوبهت باستخدام السلاح وتمويل الميليشيات لضمان بقاء الدبيبة في السلطة. مشددًا على أن بعثة الأمم المتحدة تمتلك أوراق ضغط حقيقية يمكنها من خلالها دفع الأطراف المتنازعة نحو حل سياسي، سواء عبر تمكين القوات المسلحة من السيطرة على طرابلس والحدود، أو من خلال تحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات.
وأضاف أن البعثة قادرة على فرض التزام النظام والقبول بالحوار السياسي من خلال مجلس الأمن الدولي، مؤكدًا أن الحل السياسي لا يمكن تحقيقه إلا بمشاركة الأطراف الفاعلة فعليًا على الأرض، وليس عبر إعادة تدوير الأجسام السياسية التي فقدت حضورها الشعبي والسياسي.
وأوضح الجلالي أن الحلول المطروحة من قبل البعثة، بما فيها إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، غير واقعية في ظل الانقسام السياسي والسيطرة العسكرية على مفاصل الدولة.
وشدد على أن البعثة الأممية إذا أبدت الإرادة الحقيقية، وتمكنت من فرض خياراتها، يمكنها دفع الأطراف المتنازعة نحو انتخابات عاجلة وتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار السياسي، مطالبًا بضرورة وحدة الليبيين والعمل المشترك لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الوطني وضمان أمن المواطن.