قال المحلل الاقتصادي، أبوبكر الطور، إن واقع التجارة الإلكترونية في ليبيا لا يزال يواجه تحديات كبيرة، على رأسها ضعف البنية التحتية للاتصالات، وعدم قدرة المصارف على إدارة وسائل الدفع الإلكترونية، مثل بطاقات السحب ونقاط البيع، مما ينعكس سلبًا على المستهلك والتاجر على حد سواء.
وأضاف الطور، في تصريحات لقناة «سلام»، ورصدتها «الساعة24»، أن أغلب المعاملات الإلكترونية في ليبيا تتركز حاليًا في مجالات مثل شراء السيارات، والأسهم والتمويلات الاستثمارية، مشيرًا إلى أن هذا الاستخدام المحدود يعود إلى البيئة الاقتصادية والسياسية غير المستقرة، فضلاً عن ضعف الإطار القانوني وغياب الرقابة الفعلية، خاصة في ظل غياب واضح لدور جهاز حماية المستهلك في التوعية أو تقديم إرشادات واضحة حول التجارة الإلكترونية.
وأوضح أن وزارة الاقتصاد، كجهة مختصة، لا يمكن بمفردها الإشراف على هذا القطاع المعقد دون وجود تنسيق مع جهات تقنية ومالية وتنظيمية.
ولفت إلى أن التجارة الإلكترونية عالميًا لا تزال تمثل نسبة محدودة من إجمالي التجارة، حيث لا تتجاوز (16%)، وهو ما يتطلب من ليبيا العمل على تهيئة المناخ القانوني والتقني، وتنظيم دورات تدريبية وتأهيلية لنشر ثقافة التجارة الإلكترونية بشكل مدروس وآمن.
وأكد أن الاستثمار في بناء بيئة داعمة ومستقرة هو شرط أساسي لنجاح أي تحول نحو الاقتصاد الرقمي، خاصة في ظل الأوضاع الحالية التي تعاني منها البلاد على مختلف الأصعدة.
ورأى المحلل الاقتصادي، أن خطوة وزارة الاقتصاد عبر “شبكة ليبيا للتجارة” لتنظيم التجارة الإلكترونية لم تأتِ متأخرة كما قد يعتقد البعض، بل جاءت مبكرة نسبيًا، في ظل ما وصفه بـ “غياب التهيئة القانونية والتقنية” لهذا القطاع.
واعتبر أن التجارة الإلكترونية في ليبيا، كما هي اليوم، تقع في نطاق الاقتصاد الموازي أو اقتصاد الظل، وهو ما يحمل مخاطر على الاقتصاد الوطني، خصوصًا فيما يتعلق بغياب التحصيل الضريبي والرسمي، واحتمال استغلال هذا القطاع في عمليات غسيل الأموال.
وأوضح أن غياب التشريعات التفصيلية الخاصة بحماية المستهلك، وعدم وجود منظومة رقابية فاعلة، يجعل من الصعب الوثوق في العمليات التجارية الإلكترونية، خصوصًا مع انعدام الضمانات المتعلقة بجودة المنتجات أو آلية استرجاعها، وخاصة في ظل غياب أية حماية قانونية حقيقية.
وأشار إلى أهمية وجود تكامل مؤسسي يشمل وزارات الاقتصاد، المالية، التخطيط، ومصرف ليبيا المركزي، إضافة إلى الجهات الأمنية المختصة بالرقابة على التحويلات والأمن السيبراني. معتبراً أن مشاركة هذه الجهات ضرورية لأن التجارة الإلكترونية تتعلق بتحويل العملة، ونقل البيانات المالية، والتحقق من هوية المستخدمين، ما يجعل الملف أكثر تعقيدًا من مجرد تطوير تقني.
ودعا الطور، الوزارات والإدارة المعنية إلى الاهتمام ببرامج التوعية والتأهيل الشامل، وتسيير حملات إعلامية، وورش عمل، ودورات تدريبية، لنشر ثقافة التجارة الإلكترونية بشكل مسؤول وآمن، خاصة في ظل وجود نسبة كبيرة من المجتمع الليبي، غير مستعدة للتعامل مع هذا النوع من التجارة، باستثناء فئة الشباب.
وتساءل الطور، حول مدى أمان التجارة الإلكترونية في ليبيا، مؤكدًا أنها ما زالت معرضة لمخاطر الاحتيال، وسرقة البيانات، والقرصنة الإلكترونية، داعيًا إلى الاستفادة من التجارب العالمية، ولكن ضمن إطار تشريعي ومؤسسي واضح يضمن الحماية للمستهلك والدولة على حد سواء.