ليبيا 24
في مشهد اعتبره كثيرون عنوانًا لانكسار حكومة الدبيبة منتهية الولاية أمام قوة القبائل، رضخ وزير الحكم المحلي، عبد الشفيع الجويفي، لضغط مدينة الزنتان وأهاليها بعد أيام قليلة من إصداره قرارًا يقضي بإيقاف عميد البلدية الطاهر أبوجناح عن عمله وإحالته للتحقيق. لم يكتف الوزير بالتراجع عن قراره، بل حمل بنفسه قرار الإلغاء إلى الزنتان، في خطوة وصفها مراقبون بأنها “انحناء تحت الضغط” و”اعتراف ضمني بضعف حكومة عبد الحميد الدبيبة”.
خلفية القرار: خطوة مرتبكة فجرت الغضب
أصدر الوزير الجويفي قرار الإيقاف مبررًا ذلك بوجود “مخالفات إدارية”. غير أن مصادر محلية أكدت أن السبب الحقيقي وراء القرار هو استقبال أبوجناح وفدًا من الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، وهو ما اعتُبر رسالة سياسية لا ترضي حكومة الدبيبة.
الخطوة وُصفت بالارتجالية، إذ لم تراعِ ثقل الزنتان في المعادلة الوطنية، ولم تستند إلى إجراءات قانونية شفافة، مما أشعل شرارة التوتر.
الزنتان ترد: كرامة المدينة ليست مجالًا للتجارب
سرعان ما قوبل القرار بغضب واسع من الأهالي والأعيان والشباب الذين أصدروا بيانات رافضة، مؤكدين أن “الزنتان ليست ساحة للمساومات الرخيصة”، وأن إقصاء عميد منتخب اعتداء مباشر على شرعية المواطنين.
كما تحركت اتحادات البلديات المجاورة في الجبل وورشفانة وسوف الجين، رافضة القرار ومطالبة بعزل الوزير نفسه، معتبرة أن ما جرى يشكل خطرًا على استقلالية البلديات المنتخبة ويكشف عن نوايا سياسية للهيمنة والإقصاء.
الضغط القبلي والسياسي: قوة أجبرت الوزير على التراجع
الزنتان، بتاريخها ورمزيتها، لم تتعامل مع القرار كمسألة إدارية بل كمعركة كرامة.
احتشدت القوى الاجتماعية والسياسية، وأرسلت رسائل صريحة مفادها أن استمرار القرار سيجر البلاد إلى أزمة أوسع. هذا الموقف الموحد أجبر الوزير على التراجع، مدركًا أن تكلفة المواجهة مع الزنتان باهظة.
التراجع العلني: الوزير يحمل القرار بنفسه
لم يكتف الجويفي بإصدار قرار جديد يلغي الإيقاف، بل توجه بنفسه إلى الزنتان حاملاً نص القرار، حيث استقبله العميد الطاهر أبوجناح وأعضاء المجلس البلدي.
الزيارة فُسرت على نطاق واسع بأنها محاولة لـ”حفظ ماء الوجه”، غير أن الصور التي وثقت اللقاء بدت وكأنها مشهد اعتذار رسمي من الوزير للمدينة.
قراءة في المشهد: حكومة مترنحة وضعف مؤسساتي
المشهد بمجمله كشف هشاشة حكومة عبد الحميد الدبيبة:
• وزير يتخذ قرارًا ثم يتراجع عنه خلال أيام.
• مدينة تفرض إرادتها على الحكومة عبر ضغط قبلي وشعبي.
• مؤسسة حكومية تظهر عاجزة عن فرض رؤيتها أو الالتزام بقواعد الدولة.
هذا ما دفع كثيرين لوصف ما جرى بأنه “إهانة للدولة” و”إفلاس سياسي”، حيث فقدت الحكومة ما تبقى من هيبتها أمام الرأي العام.
الزنتان: مدينة تثبت ثقلها من جديد
بعيدًا عن ضعف الحكومة، خرجت الزنتان من الأزمة أكثر قوة وثباتًا.
فقد أظهرت وحدتها الداخلية، ورسخت مكانتها كمدينة لا تقبل الإقصاء أو التهميش. وكما في محطات سابقة، أكدت أنها لاعب لا يمكن تجاوزه في أي معادلة سياسية أو أمنية تخص الغرب الليبي.
التداعيات الأوسع: أسئلة عن مستقبل الدبيبة وحكومته
الأزمة الأخيرة تفتح الباب على مصراعيه لأسئلة جوهرية:
• كيف يمكن لحكومة تدّعي أنها “وطنية” أن تدير البلاد بقرارات مرتعشة؟
• هل يمكن الوثوق في وزراء ينهارون عند أول اختبار حقيقي؟
• إلى أي مدى ستصمد حكومة الدبيبة أمام الضغوط القادمة من المدن والقبائل الأخرى؟
مراقبون يرون أن هذه الحادثة قد تكون مؤشرًا لما هو قادم، حيث تتزايد التحديات على حكومة فقدت الثقة والشرعية الشعبية منذ زمن.
ما جرى ليس مجرد تراجع وزير عن قرار إداري، بل مشهد سياسي كامل يعكس ضعف مؤسسات حكومة الدبيبة أمام قوة المجتمع المحلي والقبائل.
الزنتان خرجت منتصرة، بينما ظهر الوزير – وحكومته من خلفه – بمظهر المرتبك الخاضع للضغط. وفي ليبيا، حيث الكرامة القبلية والسياسية لا تحتمل العبث، سيكون لمثل هذه المواقف ثمن باهظ على مستقبل أي حكومة تحاول إدارة البلاد من موقع الضعف
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا