طرابلس 29 سبتمبر 2025 (وال) – قال مدير دار الوفاء للعجزة والمسنين، السيد إدريس غيث، إن المؤسسة تواجه أزمة غير مسبوقة تهدد استمراريتها، بعد صدور حكم قضائي بتجميد حساباتها المصرفية بالكامل، بما فيها الحساب المخصص لمرتبات الموظفين، ما أدى إلى تعطل الخدمات الأساسية وصرف الرواتب.
وفي حديثه لوكالة الأنباء الليبية (وال)، أوضح غيث أن الدار، باعتبارها الجهة الوحيدة في ليبيا المتخصصة في رعاية كبار السن وفاقدي السند، تقدم خدمات إنسانية شاملة تشمل الإيواء، والرعاية الصحية، والدعم النفسي والغذائي، عبر طاقم طبي وتمريضي وصيدلية داخلية، إلى جانب تنسيق مستمر مع مصحات خاصة لحالات الطوارئ.
وأشار إلى أن إدارة الدار عملت خلال السنوات الماضية على تطوير البنية التحتية، وتحديث نظم العمل، وتحسين مستوى الإقامة والخدمات اليومية، وذلك بدعم من حكومة الوحدة الوطنية، وصندوق التضامن الاجتماعي، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ما انعكس إيجابًا على أوضاع النزلاء وبيئة العمل.
وأكد غيث أن تجميد الحسابات شكّل ضربة مباشرة لهذه الجهود، وأربك سير العمل داخل المؤسسة، خاصة بعد توقف صرف المرتبات، ما اضطر الإدارة إلى طلب سلفة من وزارة الشؤون الاجتماعية لتغطية رواتب الموظفين خلال فترة عيد الأضحى.
وأوضح أن أصل الأزمة يعود إلى عقد خدمات أُبرم في عام 2021 لمدة أربع سنوات، وهو ما يتعارض مع القوانين الإدارية التي تنص على أن العقود المبرمة مع الجهات العامة يجب ألا تتجاوز عامًا واحدًا قابلاً للتجديد. وبناءً على ملاحظات لجان التفتيش والرقابة، قرر صندوق التضامن الاجتماعي – الجهة المشرفة على الدار – إنهاء التعاقد مع الشركة المعنية.
وبيّن غيث أن “القضية كانت بين الشركة وصندوق التضامن، وقد صدرت أحكام لصالح الصندوق في مرحلتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية. ومع ذلك، فوجئنا بحكم آخر يقضي بالحجز على حسابات الدار مباشرة، دون أن نُخطر أو نُمنح فرصة للطعن أو الدفاع”.
وأشار إلى أن هذا الإجراء انعكس بشكل سلبي على النزلاء والعاملين على حد سواء، حيث تأثرت قدرة الدار على شراء الأدوية والمواد الغذائية وتوفير الخدمات اليومية، إلى جانب التأثير النفسي على الموظفين الذين لم يتقاضوا رواتبهم في الوقت المحدد.
وأوضح أن “الدار لا علاقة لها بالنزاع القضائي، ومع ذلك تم تحميلها كامل العبء، وكأنها طرف مباشر في القضية، وهذا أمر لا يستقيم قانونًا ولا إنسانيًا”، بحسب تعبيره.
كما أكد أن المؤسسة لم تُنشأ لأغراض ربحية، بل لخدمة فئة لا سند لها من كبار السن والمرضى وذوي الظروف الاجتماعية الصعبة. وأضاف: “نستقبل الحالات التي تُبلغنا بها منظمات المجتمع المدني أو الجهات الأمنية أو حقوق الإنسان، ونعمل على لمّ شمل بعضهم بأسرهم عندما يكون ذلك ممكنًا، بينما نوفر الإيواء الكامل لمن لا مأوى له”.
وطالب غيث الجهات المعنية في الدولة، وعلى رأسها رئاسة الحكومة ومكتب النائب العام، بالتدخل العاجل لحل هذه الإشكالية، وإلغاء قرار الحجز، ومحاسبة المسؤولين عن تعقيد الملف دون وجه حق.
وختم حديثه قائلاً: “دار الوفاء ليست ملكًا لإدارتها، بل هي مؤسسة وطنية اجتماعية تخدم شريحة ضعيفة في المجتمع، وتجميد أموالها يضر بالمجتمع كله، ويُفرغ العمل الإنساني من محتواه”، معربًا عن أمله في تصحيح هذا الوضع، وتمكين الدار من مواصلة عملها في إطار قانوني سليم وعادل.
..(وال)..
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا