اخبار الرياضة

الأكوان الموازية.. حقيقة علمية أم خيال

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

تخيل لو أن هناك عالماً آخر، شبيهاً بعالمنا تمامًا، ولكن تختلف فيه الأحداث بطرق دقيقة أو كبيرة. قد تكون أنت موجودًا في ذلك العالم، ولكنك تتخذ قرارات مختلفة، تعيش حياة مختلفة، ربما تكون أكثر سعادة، أو أقل حظًا. هذه هي الفكرة الرئيسية وراء نظرية الأكوان الموازية، فكرة تفتح أبوابًا جديدة للخيال وتقدم آفاقًا علمية جديدة.

ظهرت نظرية الأكوان الموازية نتيجة لمحاولات العلماء فهم الكون على مستوى الجسيمات الذرية وما تحت الذرية. منذ أن قدم العلماء ميكانيكا الكم كتفسير للسلوك غير المتوقع للجسيمات، ظهرت أسئلة جديدة تتعلق بمدى إمكانية أن يكون هناك أكثر من واقع أو حالة وجودية للكون. فهل يمكن أن تكون هناك نسخ متعددة من الكون، تتعايش بشكل متوازٍ، دون أن تتداخل أو تتواصل؟

أحد التفسيرات الأكثر شهرة في ميكانيكا الكم هو تفسير العوالم المتعددة الذي اقترحه الفيزيائي هيو إيفريت في عام 1957. وفقًا لهذا التفسير، فإن كل قرار أو حدث ينتج عنه انقسام الكون إلى أكوان متعددة، حيث يحدث كل احتمال ممكن. في أحد هذه الأكوان، قد يكون قد اخترت مهنة مختلفة، أو ربما لم تلتقِ بأصدقائك الحاليين.

هذه الفكرة ليست مجرد خيال، بل تستند إلى المعادلات الرياضية لميكانيكا الكم التي تسمح بوجود حالات متعددة في الوقت نفسه. ولكن السؤال الأهم: هل يمكن أن نثبت وجود هذه الأكوان بشكل تجريبي؟

في العقود الأخيرة، بدأت الدلائل تتراكم لدعم النظرية. أحد أشهر الأدلة هو “تأثير المراقب” في ميكانيكا الكم، حيث يتغير سلوك الجسيمات عند ملاحظتها، مما يوحي بوجود حالات متعددة تتداخل وتؤثر في بعضها البعض. إضافة إلى ذلك، البحث في فيزياء الجسيمات ووجود جسيمات مثل الجرافيتونات التي يُعتقد أنها قد تنقل بين الأكوان، يفتح الباب أمام فرضية الأكوان المتوازية.

على الجانب الكوني، تشير بعض الدلائل الكونية المستمدة من الخلفية الإشعاعية الكونية إلى احتمال وجود أكوان أخرى تتفاعل مع كوننا بطرق غير مباشرة. هذه الدلائل تظل غير مؤكدة وتحتاج إلى تقنيات رصدية أكثر تقدمًا لتأكيدها.

إلى جانب الجانب العلمي، تحمل نظرية الأكوان الموازية أبعادًا فلسفية عميقة. فهي تطرح تساؤلات حول ماهية الواقع، وحقيقة التجربة الإنسانية، وهل نحن نعيش في العالم “الحقيقي” أم أن هناك نسخًا لا نهائية منه؟ إذا كانت كل الاحتمالات تحدث في أكوان مختلفة، فهل هناك معنى للاختيار والحرية؟

يعتقد بعض الفلاسفة أن هذه النظرية قد تقوض فكرة المسؤولية الأخلاقية، إذ قد يعيش “أنا” آخر في كون آخر يختار بعكس اختياراتنا. ولكن بالنسبة لآخرين، فإن الفكرة تمنح رؤية جديدة للحرية، حيث كل اختيار هو جزء من مجموعة لا نهائية من الاحتمالات.

رغم أن نظرية الأكوان الموازية تبقى في إطار الفرضيات، فإنها تدفع حدود المعرفة البشرية وتفتح آفاقًا جديدة للبحث العلمي. العلماء يعملون على تطوير تجارب ونظريات جديدة قد تقدم أدلة قوية على وجود أكوان موازية. الجهود مستمرة في البحث عن تواقيع كونية يمكن أن تكشف عن تفاعلات بين الأكوان، وأيضًا في تطوير تقنيات قادرة على استشعار مثل هذه التواقيع.

الأكوان الموازية ليست مجرد فكرة فلسفية أو خيال علمي، بل هي موضوع نقاش جاد بين العلماء والفلاسفة. بينما نواصل البحث عن إجابات لأسئلة أعمق حول الكون، تظل نظرية الأكوان الموازية نافذة مفتوحة على عوالم غير مستكشفة، تجذبنا إليها بشغف لا ينتهي. إنها دعوة للتفكر في معنى الوجود والحقيقة، وللتساؤل: هل نحن حقاً وحدنا في هذا الكون؟ أم أن هناك عوالم أخرى تنتظر من يكتشفها؟

في العصر الحديث، ظهرت العديد من النظريات العلمية والفلسفية التي تثير تساؤلات حول وجود عوالم موازية أو أكوان متعددة. لكن، ما هو موقف الإسلام من هذه النظريات؟ وهل لها أساس في الشريعة الإسلامية؟ سنتناول في هذا المقال مفهوم الأكوان الموازية من منظور الإسلام، مستندين إلى القرآن الكريم والسنة النبوية.

مفهوم الأكوان الموازية:

تُعرف الأكوان الموازية في الأوساط العلمية والفلسفية بأنها نظرية تفترض وجود عوالم أو أكوان أخرى بجانب كوننا هذا، قد تكون متشابهة أو مختلفة عنه، وتعيش فيها كائنات مختلفة أو نسخ أخرى من الكائنات الموجودة في كوننا. هذه النظرية لا تستند إلى أدلة علمية قوية، بل هي أقرب إلى الخيال الفلسفي والتأملات النظرية.

القرآن الكريم والأكوان الموازية:

الإسلام لا يتناول صراحة مفهوم الأكوان الموازية كما يتم تعريفه اليوم، ولكن هناك آيات قرآنية تتحدث عن خلق السماوات والأرض، وتؤكد أن الله تعالى هو الخالق والمتحكم الوحيد في الكون.

يقول الله تعالى: “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا” [الطلاق: 12]. تشير هذه الآية إلى وجود سبع سماوات وأراضٍ مثلهن، ولكنها لا تعني بالضرورة وجود أكوان موازية كما تصفها النظريات الحديثة.

كما قال تعالى: “مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا” [الكهف: 51]. هذه الآية تؤكد أن خلق السماوات والأرض هو من علم الله وحده، ولم يطلع عليه أحد من خلقه، مما يدل على اختصاص الله بعلم الغيب.

السنة النبوية والأكوان الموازية:

في السنة النبوية، لم يرد حديث صحيح يشير إلى وجود عوالم موازية أو أكوان متعددة كما يتم تصورها في النظريات الحديثة. ما ورد في السنة يتعلق بعوالم الغيب مثل الجن والملائكة، وهذه العوالم لا يمكن تصنيفها كأكوان موازية، بل هي جزء من خلق الله الذي لا يُرى.

يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدَرِ الْأَرْضِ، جَاءَ مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ” [أخرجه الترمذي]. في هذا الحديث، نرى تأكيدًا على أن الله خلق الإنسان من مكونات الأرض، مما يعزز فكرة أن عالمنا هذا هو محور خلق الإنسان والتكليف.

حكم الأكوان الموازية في الإسلام:

بالنظر إلى الأدلة القرآنية والسنية، يمكن القول بأن الإسلام لا يدعم نظرية الأكوان الموازية كما تصورها الفلسفات والنظريات الحديثة. بل يعتبر أن الخوض في مثل هذه الأمور دون دليل صحيح من القرآن أو السنة هو من القول بلا علم، وهو ما نهى عنه الله سبحانه وتعالى في قوله: “وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا” [الإسراء: 36].

كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من اتباع الظن والتخمين في أمور الدين بقوله: “إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ” [أخرجه البخاري ومسلم]. وبالتالي، فإن القول بوجود أكوان موازية دون دليل قطعي يدخل في نطاق الظن والخيال، وهو ما يجب تجنبه.

في الختام، يمكن القول إن الإسلام لا يعترف بنظرية الأكوان الموازية، ويحث المسلمين على الالتزام بالعلم اليقيني المستند إلى القرآن والسنة. فلا ينبغي الخوض في أمور الغيب دون دليل، والله سبحانه هو الأعلم بما خلق، وهو القادر على كل شيء.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24