ليبيا الان

الصراع على وزارة النفط في حكومة الدبيبة.. مشهد الفوضى والتجاذبات السياسية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في إطار المشهد السياسي الليبي المتأزم، ظهرت جبهة جديدة من الصراع داخل حكومة الدبيبة منتهية الولاية، المتمثلة في النزاع على وزارة النفط والغاز. هذا الصراع يعكس عمق التوترات والانقسامات داخل الأروقة السياسية، ويطرح تساؤلات جادة حول قدرة الحكومة على إدارة واحدة من أهم القطاعات الحيوية في البلاد.

في نهاية مارس الماضي، اتخذ عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، قرارًا بتكليف وكيل وزارة النفط والغاز، خليفة عبد الصادق، بتسيير مهام الوزارة، وذلك عقب إيقاف هيئة الرقابة الإدارية لوزير النفط آنذاك، محمد عون. هذا القرار كان بمثابة بداية فصول جديدة من التجاذبات داخل الحكومة، حيث ظن البعض أن مهمة عبد الصادق ستنتهي بعودة عون، لكن الأمر كان أعقد من ذلك بكثير.

بعد نحو شهرين من إيقافه، عادت وزارة النفط بطرابلس لتعلن أن محمد عون باشر مهامه مرة أخرى بعد رفع الوقف الاحتياطي عنه. ظهرت صورة لعون وهو جالس في مكتبه، مما أثار جدلاً حول مصير عبد الصادق. في الوقت الذي خاطبت فيه حكومة الدبيبة الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، معلنة أن عبد الصادق هو وزير النفط، ظل عون يمارس مهامه المعتادة من داخل الوزارة، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا.

محمد عون لم يبق صامتًا أمام هذه التطورات، فخرج عن صمته في رسالة مساء الخميس، معلنًا أنه “لا يرضى بأن يكون وزيراً من دون وزارة”. وتحدث عن ما وصفه بـ”غلق الأبواب وصد التواصل معه من قبل رئاسة الوزراء”، مشيرًا إلى أن هذا التعامل لا يليق بالوزارات ولا الحكومات. وطالب عون رئيس الحكومة باتخاذ موقف واضح، إما بتصحيح الوضع أو بإقالته من منصبه.

وسائل الإعلام المحلية تداولت خطابًا من عادل جمعة، وزير الدولة لشؤون رئيس حكومة الدبيبة منتهية الولاية، موجهًا للأمين العام لمنظمة أوبك، مما اعتبر تجاهلاً لقرار هيئة الرقابة الإدارية برفع الوقف عن عون. وذكرت الوزارة أن الهيئة رفعت الوقف في 12 مايو الماضي، بعد انتهاء التحقيق معه. هذه التحركات عززت من فكرة وجود صراع داخلي، وأن إبعاد عون قد يكون هدفه إنهاء الخلافات مع المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات بن قدارة.

شهدت الأشهر الماضية مشادات كلامية بين عون و فرحات بن قدارة، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بشأن “تعاقدات نفطية”، مما دفع أعضاء بمجلس الدولة إلى دعوة النائب العام والأجهزة الرقابية للتحقيق في ما سموه “شبهات فساد” و صفقات تتعلق بعقود نفطية أُبرمت خلال السنوات الماضية. عون في بيانه للشعب الليبي تحدث عن ملابسات إبعاده كوزير، مؤكدًا أنه لم يسعَ يومًا لهذا المنصب، ولا يضايقه تركه.

عون صعّد من هجومه على الوزير المكلف، قائلاً إنه “يمارس إجراءات عبثية تعيق سير العمل وتربك محاولات التطوير”. واعتبر أن أسباب استبعاده قد تكون نتيجة مواقفه الوطنية الجادة الصلبة تجاه ما لا يتوافق مع المصلحة العليا لليبيا. كما أشار إلى أن رفضه القاطع لكل ما لا يتماشى مع القوانين والنظم واللوائح بالدولة قد يكون أحد الأسباب.

وجه عون بالتحقيق في مزاعم فساد تضمنتها تصريحات منسوبة لمسؤولين بوزارة الخارجية البريطانية، وعرض النتائج على الرأي العام. وأشارت وزارة النفط إلى تصريحات وزيرة الدولة بوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية، ماري تريفيليان، التي قالت إن قطاع النفط في ليبيا يشهد فسادًا ملحوظًا، وأن المملكة المتحدة تسعى لمعالجة قضايا الشفافية المالية وتهريب النفط الليبي.

النقابة العامة للنفط  رفضت قرار عبدالله قادربوه، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، بإيقاف عون، واعتبرته انتهاكًا صارخًا لمبدأ الشفافية والنزاهة. ودعت في بيان لها جميع القوى الوطنية للوقوف صفًا واحدًا ضد هذا الإجراء الذي يضر بمصلحة الدولة الليبية، مشددة على ضرورة إجراء تحقيق شفاف ومستقل في هذه القضية، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في الفساد والتلاعب بمقدرات الدولة.

أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وحكماء وأعيان الزاوية، رفضوا أيضًا إيقاف عون، متهمين حكومة الدبيبة بتمرير صفقات نفطية مشبوهة من خلال إيقافه. واعتبروا أن الحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط تعملان على تمرير صفقة حقل الحمادة بالمخالفة للقانون، داعين إلى التحقيق في كيفية إصدار قرار إيقاف عون.

وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية رأت في تقرير لها أن التغيير المفاجئ لعون يسلط الضوء على الإنتاج النفطي، مشيرة إلى أن هذه التحركات قد تؤدي إلى توافق أفضل بين الوزارة والمؤسسة الوطنية للنفط. لكن يبقى التساؤل حول ما إذا كان هذا التغيير سيؤدي إلى ارتفاع الإنتاج، في ظل الخلافات المحتدمة داخل البلاد.

في ختام خطابه، ناشد عون رئيس هيئة الرقابة الإدارية بالتدخل العاجل لحل الأزمة، مطالبًا بإعادة النظر في الأوضاع الحالية داخل الوزارة لضمان سير العمل بشكل سلس وفعال. وأكد على أهمية الاستقرار الإداري لضمان استقرار البلاد وأمنها الاقتصادي، داعيًا الجميع للتكاتف والعمل معًا لتجاوز هذه الأزمة.

تظل أزمة وزارة النفط في حكومة الدبيبة أحد الأمثلة البارزة على الفوضى السياسية والإدارية التي تعاني منها ليبيا. هذا الصراع يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، ويطرح تساؤلات حول مستقبل قطاع النفط الذي يعد العمود الفقري للاقتصاد الليبي. في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل معقودًا على حكمة القادة السياسيين وقدرتهم على وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والعمل على تحقيق توافق يعيد الاستقرار إلى البلاد.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24