في مشهد سياسي يعج بالتعقيدات والصراعات الداخلية والخارجية، أعلنت نعيمة ا الحامي، عضو مجلس الدولة، عن استيائها البالغ من الخطوة التي اتخذها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بفتح باب الترشح لشغل منصب رئيس الحكومة الجديدة. وصفت الحامي هذا الإعلان بأنه “خلط للأوراق”، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة جاءت في وقت حرج حيث يستعد مجلس الدولة لإجراء انتخابات مكتب الرئاسة الأسبوع القادم.
الحامي: انتخابات مجلس الدولة قادمة والبيان الصادر يخلط الأوراق
ورأت الحامي أن بيان عقيلة صالح يتعارض مع اتفاق القاهرة برعاية جامعة الدول العربية ، الذي كان ينص على تشكيل حكومة موحدة لإجراء الانتخابات. وأوضحت أن الشرط الذي وضعه محمد تكالة، رئيس مجلس الدولة، هو أن تكون هناك قوانين انتخابية متفق عليها تستند إلى مخرجات اللجنة 6+6، مؤكدة أن هذا الاتفاق يحتاج إلى آلية واضحة لتنفيذه، سواء كان عبر التزكية أو دمج الحكومتين الحاليتين.
الحامي أشارت إلى أنه كان من المفترض عقد لقاء في القاهرة لمناقشة هذه الأمور، لكن اعتماد مجلس النواب للميزانية خارج القوانين واللوائح الدستورية تسبب في تأجيل زيارة تكالة إلى القاهرة. وتابعت: “نحن أمام اتفاق لم تُوضع له آليات تنفيذية. داخل المجلس، لا يوجد نقاش أو تزكية لأي حكومة جديدة إلا بعد إجراء انتخابات مكتب الرئاسة. البيان الصادر يعبر عن موقف مجلس الدولة والملامة تقع على مجلس النواب وعقيلة صالح لاتخاذهم إجراءات من طرف واحد”.
كما أعربت الحامي عن حيرتها بشأن نوايا عقيلة صالح، مشيرة إلى أن الإعلان عن انتخابات رئاسة المجلس بين محمد تكالة وخالد المشري قد يفتح المجال لترشح أعضاء آخرين. وأضافت: “تصرفات عقيلة ربما تكشف جزءاً من نواياه، ونحن لا نعلم إلى أين يتجه”.
وفي تعليق على هذه التطورات، قال عضو المؤتمر العام السابق، عبد المنعم اليسير إن فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة من قبل مجلس النواب يجب أن يكون مبنياً على تغييرات حقيقية على الأرض تضمن نجاح هذه الخطوة. وشدد اليسير على أهمية تشكيل حكومة موحدة قادرة على العمل داخل طرابلس، معتبراً أن فتح باب الترشح هو خطوة كبيرة من ناحية مجلس النواب، لكنها قد لا تكون فعالة على الأرض.
وأشار اليسير في تصريحات تلفزيونية، تابعتها “أخبار ليبيا 24” إلى أن الأزمة السياسية في ليبيا معقدة بسبب نقص الخبرة السياسية في التفاوض وغياب سلطة قوية قادرة على حماية نفسها من القوى المسلحة. وبيّن أن أي حكومة يجب أن تكون قادرة على فرض سيادة القانون دون الخضوع لأي قوة مسلحة.
التكبالي: حكومة موحدة غير ممكنة في الظروف الحالية
من جانبه، استبعد عضو مجلس النواب علي التكبالي إمكانية تشكيل حكومة موحدة في الظروف الحالية، بسبب الصراعات الداخلية والتحديات الأمنية. وقال التكبالي: “كيف يمكن لأي رئيس وزراء أن يبسط سيطرته على كامل الأراضي الليبية في ظل وجود فصائل مسلحة في طرابلس؟” وأشار إلى أن المتهافتين على رئاسة الحكومة إما يجهلون التحديات أو يرغبون في الحكم بأي ثمن.
الأبلق: مشروع الدستور يجب أن يُطرح للاستفتاء رغم التلاعبات الخارجية
وعلى صعيد آخر، اعتبر عضو مجلس النواب عمار الأبلق أن مشروع الدستور يجب أن يُطرح للاستفتاء، مشيراً إلى أن الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور منتخبة، وأن الصراعات السياسية والتدخلات الدولية تعرقل هذه العملية. وأضاف الأبلق أن البعثة الدولية في ليبيا تتجاهل ضرورة الاستفتاء على الدستور، وأن الأطراف الخارجية تتلاعب بالمفوضية الوطنية للانتخابات ومجلسي النواب والدولة.
وأوضح الأبلق أن الانتخابات الرئاسية لا يمكن إجراؤها في الوقت الحالي، وأن الوضع الليبي أسوأ من حالة 2010. وأضاف أن الأطراف الدولية تسعى لإبقاء البلاد في حالة انتقالية مستمرة، مما يعيق أي مشروع للتحول الديمقراطي.
ونيس: فتح تحقيق بشأن رشاوي أعضاء مجلس الدولة
وفي سياق متصل، أعلن عضو مجلس الدولة سعيد محمد ونيس أن النائب العام، الصديق الصور، فتح باب التحقيق بشأن عمليات رشاوي تلقاها عدد من أعضاء مجلس الدولة. ونوه ونيس إلى ضرورة عدم التسرع في فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة حتى ينتهي مجلس الدولة من انتخاب مكتب رئاسته في الخامس من الشهر القادم.
بينما يتصارع الأطراف السياسية في ليبيا على السلطة والنفوذ، يبقى الشعب الليبي في انتظار حل ينهي هذا الصراع ويؤدي إلى استقرار البلاد وتحقيق تطلعاتهم في الحرية والعدالة والديمقراطية. في هذا السياق، تظل الآمال معلقة على قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم والعمل معاً من أجل مستقبل أفضل للبلاد.