في بنغازي، المدينة الساحرة التي تفيض بالأصالة والعراقة، وتحت شمسها الدافئة التي لا تنطفئ، استقبل اللواء صدام خليفة وعميد بلدية بنغازي وفداً إماراتياً رفيع المستوى، جاء محملاً بآمال كبيرة لمدينة تتعافى من آثار سنوات من الصراعات والتحديات. كان على رأس هذا الوفد رجل الأعمال البارز محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية، وهي الشركة التي لم تعد تحتاج إلى تعريف في عالم التطوير العقاري.
العبار: من بنك أبوظبي إلى إمبراطورية إعمار
محمد العبار، الرجل الذي بدأ مسيرته المهنية موظفًا في بنك أبوظبي، لم يكن يومًا ذلك الرجل العادي الذي يسير وفق الخطوات المعتادة. لقد كان منذ بداية مسيرته شغوفًا بتحديات أكبر، وكان يعرف أن نجاحه يكمن في قدرته على استغلال الفرص بشكل ذكي وفي الوقت المناسب. هذا الطموح والإصرار قاداه إلى سنغافورة، حيث عمل لسبع سنوات، مُستخلصًا من هذه التجربة العديد من الدروس في عالم المال والأعمال.
مع عودته إلى الإمارات، بدأ العبار في تأسيس شركة إعمار العقارية عام 1997، وهي الخطوة التي ستغير مسار حياته، بل وستؤثر على ملامح مدن بأكملها حول العالم. إعمار لم تكن مجرد شركة عقارية، بل كانت تجسد رؤيته للمدن المستقبلية، تلك التي تتخطى الجدران والمباني لتصبح بيئة حية مفعمة بالروح والطموح.
برج خليفة ودبي مول: رموز النجاح المستمر
منذ تأسيسها، لم تتوقف إعمار عن تحقيق النجاحات واحدًا تلو الآخر. في عام 2010، أعلنت الشركة عن إتمام برج خليفة، أعلى مبنى في العالم، وهو رمز للابتكار الهندسي والتصميم المعماري المتفوق. برج خليفة لم يكن مجرد مبنى، بل كان تعبيرًا حيًا عن قدرة الإنسان على تجاوز الحدود المادية وتحقيق ما يبدو مستحيلاً.
وفي قلب دبي، يقف دبي مول، أكبر مركز تسوق وترفيه في العالم، كمثال آخر على نجاحات إعمار. بفضل تصميمه الفريد واحتوائه على عدد لا يحصى من المتاجر والمرافق الترفيهية، أصبح دبي مول وجهة جذب عالمية تستقطب ملايين الزوار سنويًا. لكن هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة لعمل دؤوب وتخطيط استراتيجي استمر لسنوات، تحت قيادة العبار وفريقه.
توسعات عالمية: من الإمارات إلى الهند والسعودية
مع تحقيقها نجاحات ضخمة في الإمارات، كانت إعمار جاهزة لتوسيع نطاق أعمالها إلى الأسواق العالمية. وكانت الهند والسعودية من أولى الوجهات التي اتجهت إليها الشركة. في الهند، نفذت إعمار مشاريع سكنية وتجارية وفندقية كبرى من خلال شراكتها مع شركة إم جي إف للتطوير المحدودة. ومن أبرز هذه المشاريع مركز حيدر أباد الدولي للمؤتمرات، الذي يعتبر نموذجًا لما يمكن تحقيقه من خلال التعاون بين الخبرة الإماراتية والاحتياجات المحلية.
وفي السعودية، تميزت إعمار بتطوير مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، التي تُعد من أكبر الاستثمارات الخاصة في المملكة. هذه المدينة الضخمة، التي تم تطويرها على طول ساحل البحر الأحمر، تهدف إلى أن تكون مدينة متكاملة تقدم للسكان والزوار تجربة حياة متكاملة تجمع بين العمل والترفيه.
المشاريع القادمة: بنغازي ومنطقة المريسة الحرة
واليوم، بعد نجاحات إعمار في جميع أنحاء العالم، يتجه العبار بفريقه إلى بنغازي في ليبيا، في خطوة طموحة لإعادة بناء جزء من هذه المدينة التاريخية. وقد وقعت الشركة عقدًا لتصميم وتنفيذ مشروع “بنغازي الجديدة” والمنطقة الحرة المريسة. المشروع يهدف إلى تحويل هذه المنطقة إلى مركز اقتصادي حيوي، يجذب الاستثمارات ويخلق فرص عمل جديدة لسكان المنطقة.
لا يُنظر إلى هذا المشروع فقط كخطوة اقتصادية، بل كتجسيد لرغبة حقيقية في إحداث تغيير إيجابي على أرض الواقع. فمن خلال توظيف الخبرات والمعرفة التي اكتسبتها إعمار على مدار عقود، يمكن لهذا المشروع أن يكون بداية جديدة لبنغازي، ودفعة قوية لاقتصاد ليبيا المتعثر.
إعمار: بين الحاضر والمستقبل
مع كل مشروع جديد، تثبت إعمار أنها ليست مجرد شركة بناء، بل مؤسسة تحمل في طياتها رؤية للمستقبل. محمد العبار، بتوجيهه الحكيم ورؤيته الطموحة، استطاع أن يجعل من إعمار نموذجًا يحتذى به في مجال التطوير العقاري. الشركة اليوم ليست فقط أكبر شركة تطوير عقاري في الإمارات، بل واحدة من أهم اللاعبين العالميين في هذا المجال.
ومع مشاريع جديدة في ليبيا ودول أخرى، يتضح أن العبار لا يزال يؤمن بأن الفرص الكبيرة تأتي مع التحديات الكبرى. ومع كل نجاح تحققه إعمار، يزداد التأكيد على أن القيادة الحكيمة والرؤية الاستراتيجية هما المفتاح الحقيقي لتحقيق أي طموح، مهما كان حجم التحديات.