ليبيا الان

مجلس النواب يسحب صفة القائد الأعلى.. خطوة سياسية تعكس تفكك حكومة الدبيبة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في خطوة لم تكن مفاجئة لمن يتابع تطورات المشهد السياسي ، أقدم مجلس النواب على اتخاذ قرار يعيد تشكيل الخارطة السياسية للبلاد. فقد أعلن البرلمان عن سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي، معتبرًا أن ولاية حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي قد انتهت فعليًا، ليعلن بذلك انتهاء حقبة اتفاق جنيف، ومنح الشرعية الكاملة للحكومة الليبية الجديدة التي تتخذ من بنغازي مقرًا لها.

أقر مجلس النواب ، في جلسة عاصفة، سحب صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة من المجلس الرئاسي، الذي طالما شكل نقطة خلاف كبيرة بين الأطراف الليبية. هذا القرار يأتي في سياق سلسلة من التحركات الرامية إلى إعادة رسم المشهد السياسي في البلاد، وتوجيه ضربة قاضية لحكومة عبد الحميد الدبيبة التي لم تحظى بشعبية كبيرة منذ توليها السلطة.

القرار لم يكن مجرد إجراء شكلي، بل يحمل دلالات عميقة على انتهاء اتفاق جنيف، الذي كان قد وُقّع بين الأطراف الليبية بوساطة دولية، وأدى إلى تشكيل حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي. بيد أن البرلمان الليبي يرى أن هذا الاتفاق قد استنفد أغراضه، وأنه بات من الضروري إعادة ترتيب الأوراق بما يتناسب مع المتغيرات على الأرض.

منذ توقيع اتفاق جنيف في عام 2021، والذي تم بموجبه تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، كانت التوترات السياسية تتصاعد تدريجيًا. الاتفاق الذي كان من المفترض أن يقود البلاد نحو الاستقرار والانتخابات، بات اليوم غير ذي صلة، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه. البرلمان الليبي، ومن خلفه القوى السياسية في الشرق الليبي، لم يعد يرى في هذا الاتفاق مرجعية قانونية أو سياسية، بل بات يعتبره جزءًا من الماضي.

سليمان البيوضي، المرشح الرئاسي، يرى أن ما صدر عن مجلس النواب يتعلق بالخطة التمهيدية الشاملة والاتفاق برمته، حيث أعاد البرلمان صفة القائد الأعلى لرئيس مجلس النواب وسحبها من المجلس الرئاسي، ونبّه لمسألة المدد في الاتفاق السياسي الليبي والخطة التمهيدية الشاملة. بالنسبة للبيوضي، فإن حكومة الدبيبة منتهية الولاية منذ سبتمبر 2021، وبفشل الانتخابات الرئاسية، تلاشت شرعيتها، ولم يعد لها أي مبرر للاستمرار.

ورغم انتهاء ولاية حكومة الدبيبة، إلا أنها لا تزال تمارس سلطتها بحكم الأمر الواقع، مستندة إلى الاعتراف الدولي بها. غير أن البيوضي يشير إلى أن قرار مجلس النواب الأخير لن يؤثر كثيرًا على هذه الحكومة، نظرًا لأنها متآكلة أصلًا وتفقد تأثيرها يومًا بعد يوم. وأضاف أن الأطراف الليبية لم تعد تتحكم في المشهد السياسي، إذ أصبح المجتمع الدولي هو اللاعب الأساسي في تحديد مصير البلاد.

من جانبه، أكد فتح الله السريري، عضو مجلس الدولة، أن الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة الحالية هي الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، والذي يعد الأساس الدستوري لكافة الأجسام المنبثقة عن المجلس الرئاسي والنواب. وأوضح أن الاتفاق السياسي أصبح الوثيقة الدستورية الحاكمة للصلاحيات، وأن أي تعديل أو إعادة هيكلة لا بد أن يتم بتوافق المجلسين، أي مجلسي النواب والدولة.

في المقابل، يرى محمد معزب، عضو مجلس الدولة، أن إلغاء صفة القائد الأعلى للجيش يحتاج إلى توافق تام بين المجلسين، وأن الجلسة التي اتخذت هذا القرار لم تصل النصاب القانوني للتصويت. وبحسب معزب، فإن المجلس الرئاسي لم يباشر أي اختصاص فعلي فيما يتعلق بالقائد الأعلى للجيش، وأن حكومة الدبيبة مستمرة ومعترف بها محليًا ودوليًا، ولا يمكن إنهاءها إلا باتفاق سياسي جديد أو انتخابات.

وفي سياق متصل، قال صلاح البكوش، المستشار السابق بمجلس الدولة، إن أهم صلاحيات المجلس الرئاسي هي قيادة المصالحة الوطنية والقيام بدور القائد الأعلى للجيش. وأشار إلى أن المجلس الرئاسي لم يستطع ممارسة هذه الصلاحيات فعليًا، وأن حكومة الدبيبة تواجه اليوم تحديات كبيرة تهدد بقاءها.

أما المحلل السياسي كامل المرعاش، فيرى أن تصويت مجلس النواب لسحب الثقة من حكومة الدبيبة وإعادة صلاحيات القائد الأعلى لرئيس مجلس النواب، يُعد خطوة سياسية وليست تشريعية، هدفها الرئيسي هو الرد على ادعاء المجلس الرئاسي بأنه يملك صلاحيات القائد الأعلى. ويعتقد المرعاش أن هذه الخطوة تشير إلى تفكك حكومة الدبيبة من الداخل، وأن البلاد قد تشهد قريبًا تغييرًا جذريًا في القيادة السياسية.

يبدو أن ليبيا تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع السياسي. قرار مجلس النواب بسحب صفة القائد الأعلى من المجلس الرئاسي، وإعلان انتهاء ولاية حكومة الدبيبة واتفاق جنيف، يعكس التحولات العميقة التي يشهدها المشهد السياسي الليبي. ومع تصاعد التوترات والتغيرات المتسارعة، يبقى السؤال الأكبر: ما هو المخرج الذي سيقدمه المجتمع الدولي لهذا الوضع المتأزم؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24