في مشهد جديد من فصول الجدل القانوني في ليبيا، يبرز ملف انتخابات رئاسة مجلس الدولة كواحد من أكثر الملفات تعقيدًا وإثارةً للجدل. حيث رفض رئيس محكمة جنوب طرابلس الابتدائية طلبًا قدمه أعضاء من المجلس الأعلى للدولة لإلغاء نتائج جلسة انتخاب رئيس مجلس الدولة، معتبرًا أن هذا الطلب يفتقر إلى الأسس القانونية.
هذه الجلسة التي شهدت انتخاب خالد المشري رئيسًا لمجلس الدولة أمام منافسه محمد تكالة، أثارت زوبعة من التساؤلات حول صحة الإجراءات المتبعة، لا سيما بعد مشاركة العضوين عبدالسلام غويلة وفوزي العقاب، رغم انتهاء عضويتهما في المجلس. هذا الوضع فتح الباب أمام طعون من قبل أعضاء آخرين، من بينهم عبدالفتاح الحبلوص ومحمد الهادي ويوسف الأحيول، الذين رأوا في مشاركة هؤلاء الأعضاء تجاوزًا قانونيًا يستوجب إلغاء الجلسة وكل ما نتج عنها.
رئيس محكمة جنوب طرابلس الابتدائية رفض هذه الدعوى، مؤكدًا أن غويلة والعقاب قد حضرا الجلسة علنًا، وتم قراءة أسمائهم أمام الحضور دون أي اعتراض. وأضاف أن الاعتراض على مشاركتهم جاء فقط بعد انتهاء عملية التصويت، وهو ما يجعل من الطعن غير ذي جدوى من الناحية القانونية. فالمحكمة رأت أن الأسس التي بني عليها الطعن لا ترتقي إلى مستوى الإبطال، وأن الجلسة وما ترتب عنها تظل قانونية وصحيحة.
على الجانب الآخر، نائب رئيس اللجنة القانونية بمجلس الدولة، أحمد يعقوب، أشار إلى أن النظام الداخلي للمجلس هو الذي يحكم في مثل هذه الأمور. وأوضح أن إدارة القانون بالمجلس الأعلى للقضاء أيدت رأي اللجنة القانونية التي قررت بدورها أن الفائز بأعلى الأصوات في تلك الجلسة كان خالد المشري، وهو ما يجعل منه الرئيس الشرعي للمجلس.
يعقوب أكد أيضًا أن النظام الداخلي للمجلس يعيد التظلمات إلى اللجنة القانونية، والتي تقوم بدورها بمراجعة كل الشكاوى والطعون المقدمة لتحديد صحة النتائج من عدمها. وفي هذه الحالة، رأت اللجنة القانونية أن خالد المشري هو الفائز وفقًا للمعايير المحددة مسبقًا، وهو ما أكده حكم المحكمة الذي رفض دعوى بطلان الجلسة.
وفي ذات السياق، جاءت تعليقات عضو المجلس الأعلى للدولة، أمينة المحجوب، لتضيف مزيدًا من التعقيد إلى المشهد. المحجوب أشارت إلى أن إدارة القانون بالمجلس الأعلى للقضاء ليس لها اختصاص في الفصل في صحة انتخابات مجلس الدولة. وأضافت أن الاختصاص الأصيل في هذه المسائل يعود إلى القضاء المدني أو رئيس المحكمة الابتدائية بأمر ولائي. وأوضحت أن إدارة القانون تقتصر مهامها على تفسير النصوص الغامضة، ولا تختص بالفصل في النزاعات التي هي من اختصاص القضاء.
كما أشارت المحجوب إلى أن الطلب الذي قدّم من قبل المشري أو نائب رئيس اللجنة القانونية كان يجب أن يقدّم لرئيس محكمة استئناف طرابلس أو المحكمة الابتدائية بأمر ولائي، حيث يكون القضاء المدني هو الجهة المختصة في البت في صحة الانتخابات من عدمها.