ليبيا الان

الزرقاء: أزمة ليبيا تراوح مكانها.. ومسار تفاوضي جديد

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، منتصف الأسبوع الماضي، ألقت القائم بأعمال المبعوث الأممي في ليبيا، ستيفاني خوري، خطابًا حافلًا بالتحديات والتحديات، لكنها في الوقت ذاته حملت بصيص أمل من خلال الإعلان عن “مسار تفاوضي” جديد بين الأطراف المتصارعة في الأزمة الليبية. يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد تصعيدًا مقلقًا على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية، حيث تبدو ليبيا اليوم وكأنها على حافة هاوية جديدة من الفوضى.

أوضحت خوري في خطابها أن الهدف من المسار التفاوضي الجديد هو تجنب تفاقم الأوضاع المتأزمة بالبلاد ومحاولة وضع حد للانقسامات الحادة بين الأطراف الليبية. لكنها لم تغفل عن حقيقة أن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل بحذر مع الأزمة الليبية، حيث يشكك كثيرون في نوايا المجتمع الدولي ويتساءلون عن مدى التزامه بإيجاد حل دائم ومستدام للأزمة.

وسط هذا التصعيد، تباينت آراء السياسيين الليبيين حول جدوى التحركات الأممية المقترحة. فمنهم من يرى أن التحركات الأممية ستنحصر في العمل على “تهدئة الأوضاع”، بينما يشكك آخرون في اهتمام خوري الحقيقي بمعالجة المعضلة الليبية بتمهيد الطريق للعملية الانتخابية التي طال انتظارها. بعضهم يرى أن هذه التحركات مجرد محاولات لتأجيل الصراع دون حل جذري.

وفي هذا السياق، توقع حسن الزرقاء، عضو مجلس النواب، أن تدعو خوري “لتشكيل لجنة حوار”، تضم أعضاء من مجلسي النواب والدولة، بالإضافة إلى ممثلين عن القوى الفاعلة على الأرض من الشرق والغرب، وذلك بهدف محاولة تقريب وجهات النظر وإحداث تهدئة.

لم تقتصر تصريحات الزرقاء على التوقعات فقط، بل تجاوزها إلى التحذيرات. فقد أشار في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” ، إلى أن الدول الغربية والإقليمية “لديها اهتمامات أكثر أولوية بالنسبة لها”، وبالتالي قد لا تلتفت لمطلب التدخل بالساحة الليبية إلا في نطاق محدود. ويرى الزرقاء أن هذا النطاق المحدود قد يقتصر على تجميد الوضع الراهن عبر الضغط على حلفائها من أفرقاء الصراع، مما يعني أن الأزمة الليبية قد تبقى دون حل فعلي لسنوات قادمة.

ويرى الزرقاء أن هذا التجاهل قد يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة، حيث يتم التركيز على قضايا أخرى مثل الصراع على المصرف المركزي وملف توزيع الثروة، ما قد يؤدي إلى استنزاف المزيد من الوقت والموارد دون الوصول إلى حل حقيقي. هذا الوضع، وفقًا للزرقاء، سيؤدي إلى تأجيل الحلم الليبي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد.

في إحاطتها الأخيرة، لم تتردد خوري في توجيه انتقادات لاذعة لما وصفته بـ”الإجراءات الأحادية” التي اتخذتها جهات سياسية وعسكرية وأمنية في ليبيا. وأشارت إلى أن هذه الإجراءات كانت السبب الرئيسي في تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد خلال الشهرين الماضيين. ويرى مراقبون أن تصريحات خوري تعكس حجم الإحباط الدولي من استمرار الصراع في ليبيا، وعدم قدرة الأطراف الليبية على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

وأضافت خوري أن “الإجراءات الأحادية” لم تؤدِ فقط إلى تعميق الانقسامات بين الأطراف الليبية، بل ساهمت أيضًا في تعزيز التوترات بين القوى الدولية والإقليمية التي لها مصالح متباينة في ليبيا. وتطرقت خوري إلى أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هذه التطورات، وأن هناك جهودًا تُبذل لضمان عدم انزلاق البلاد إلى مزيد من الفوضى.

على مدى الأسبوع الماضي، شهدت ليبيا تطورًا جديدًا في الصراع السياسي بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي، وهو صراع يتمحور حول السيطرة على المصرف المركزي. فقد أصدر المجلس الرئاسي قرارًا بتعيين مجلس إدارة جديد للمصرف المركزي برئاسة محمد الشكري، وهو قرار رفضه البرلمان الذي أعلن تمسكه بالصديق الكبير رئيسًا للمصرف.

هذا الخلاف الجديد يعكس بشكل واضح التوترات المستمرة بين المؤسسات الليبية المتنافسة، ويظهر كيف يمكن للصراع على الموارد المالية أن يعرقل أي تقدم نحو التسوية السياسية. ويرى محللون أن الصراع على المصرف المركزي ليس مجرد خلاف إداري، بل هو جزء من صراع أوسع على السلطة والنفوذ في ليبيا.

بالنظر إلى كل هذه التطورات، يطرح الزرقاء تساؤلات حول ما إذا كان المجتمع الدولي يخدم مصالحه الخاصة في ليبيا على حساب الاستقرار المحلي. ويشير إلى أن هناك “محاولات لإلهاء الساحة الليبية بقضايا فرعية”، مثل الصراع على المصرف المركزي، مما يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة دون حل حقيقي. ويؤكد الزرقاء أن هذا الوضع يتطلب مراجعة جذرية للسياسات الدولية تجاه ليبيا، وإعادة التفكير في الأولويات من أجل تحقيق الاستقرار والسلام الدائم في البلاد.

في الختام، يبدو أن الأزمة الليبية لا تزال بعيدة عن الحل. فبينما تسعى خوري من خلال مبادراتها الجديدة إلى تهدئة الأوضاع والتمهيد لطاولة حوار، يبقى السؤال الأكبر هو: هل ستتمكن الأطراف الليبية من تجاوز خلافاتها والوصول إلى تسوية شاملة، أم أن التوترات المستمرة ستقود البلاد إلى مزيد من الانقسام والفوضى؟ فقط الأيام القادمة ستكشف عن الإجابة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24