ليبيا الان

ليبيا.. أزمة وقود غير مسبوقة تعصف ببلد النفط

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

“ليبيا تحت وطأة الفوضى الاقتصادية: أزمة الوقود وأحوال المواطنين”

في خضم فوضى تعصف بـ ليبيا، يجد المواطن نفسه في مواجهة تحديات لا مثيل لها في أي دولة أخرى. أزمات تتراكم كالغبار على النوافذ المفتوحة، تاركة أثرًا من الخيبة والاحتقان. أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، عطية الفيتوري، يعبر بمرارة عن الأوضاع الراهنة في ليبيا، البلد الذي يطفو على بحر من النفط، ولكنه يعاني من اختناقات في كل مفاصل حياته اليومية.

“أزمة الوقود في ليبيا لا أعتقد أن لها مثيل في كل دول هذا العالم”، هكذا يصف الفيتوري الوضع في منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24” . إنها كلمات تصف واقعًا مريرًا حيث المحطات بلا وقود، والمصارف بلا نقود، في بلد يُفترض أنه من أغنى دول العالم من حيث احتياطات النفط. السؤال الذي يطرحه الفيتوري، والذي يتردد على ألسنة الملايين من الليبيين، هو: كيف يمكن أن يحدث هذا في بلد نفطي؟

في محطات الوقود، يقف الناس في طوابير لا تنتهي، كأنهم في سباق لا يرغبون في خوضه، ولكنهم مجبرون عليه. يصف الفيتوري مشهد ابنه وهو يقف في طابور للحصول على كمية بسيطة من البنزين: “ابني أخذ سيارتي وعمد بها إلى محطة الوقود القريبة من سكننا، دخل في طابور له أول وليس له آخر واستمر أكثر من 6 ساعات”. هذه ليست مجرد ساعات من الانتظار، بل هي ساعات من القلق والتوتر والخوف من المجهول.

يتساءل الفيتوري عن التدابير التي يجب أن تتخذها الدولة لتجنب مثل هذه الاختناقات. “كل دول العالم التي لا تريد أن يحدث بها مثل هذه الاختناقات، التي تتسبب في مشاكل اقتصادية واجتماعية، تحتاط لذلك”. ولكنه يرى أن ليبيا تفتقر إلى هذا الحس الاستباقي. في البلدان الأخرى، يوجد احتياطي استراتيجي من السلع الأساسية، مثل البنزين والنافتا، يكفي لمدة ثلاثة أشهر، لتتمكن من مواجهة أي طارئ، سواء كان تعطلاً في المصافي أو عجزًا عن الاستيراد.

ما الذي يمنع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا من اتباع نفس النهج؟ لماذا لا يكون هناك مخزون احتياطي من الوقود يكفي البلد لمدة شهر على الأقل؟ الفيتوري يضع إصبعه على جرحٍ نازف، مشيرًا إلى غياب التخطيط السليم والإدارة الرشيدة.

لكن أزمة الوقود ليست سوى جزء من الصورة. “نحن نعيش الآن فوضى في كل شيء، ولا يوجد من يحاسب المقصرين”، يقول الفيتوري. الفوضى تعم كل القطاعات: لا يوجد بنزين، ولا نافتا للسيارات الكبيرة، ولا توجد سيولة نقدية في المصارف. الغاز يُباع بأسعار مرتفعة من السماسرة، والكهرباء تنقطع باستمرار. إنه مشهد يعكس غياب الرقابة والمحاسبة، ويشير إلى تفشي الفساد والإهمال.

الفوضى تتجاوز الجانب الاقتصادي لتصل إلى الاجتماعي، حيث تزداد معاناة المواطن العادي. كيف يمكن للأسرة الليبية أن تدبر أمورها في ظل هذه الظروف القاسية؟ كيف يمكن للأطفال أن يذهبوا إلى مدارسهم، والموظفين إلى أعمالهم، في ظل غياب البنزين والسيولة؟

أزمات الوقود والكهرباء والسيولة النقدية تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس اليومية. عندما تتوقف محطات الوقود عن العمل، لا يستطيع الناس الوصول إلى أعمالهم أو نقل أطفالهم إلى المدارس. الشلل يضرب كل جوانب الحياة، والخسائر الاقتصادية تتضاعف. الفيتوري يشير إلى أن “هذه الأوضاع مجتمعة لا توجد حتى في أفقر البلدان الأفريقية”. فكيف يمكن لبلد يتمتع بمثل هذه الثروات أن يعيش في مثل هذه الظروف؟

على الرغم من الصورة القاتمة، يرى الفيتوري أن الحلول ممكنة إذا ما توفرت الإرادة السياسية والإدارة الرشيدة. “ما يجب على المؤسسة الوطنية للنفط أن يكون لديها مخزون احتياطي من الوقود يكفي البلد على الأقل لمدة شهر أو أكثر”، يقول الفيتوري، مشددًا على ضرورة اتباع سياسات اقتصادية واضحة وشفافة.

الحكومات في ليبيا والمؤسسة الوطنية للنفط بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجياتهما والتفكير في المستقبل بعقلانية. الاحتياطات الاستراتيجية، والتحكم في الموارد، والرقابة الصارمة على الفساد، هي خطوات ضرورية لتجنب الأزمات المستقبلية.

إنها دعوة صريحة من الفيتوري للمسؤولين وللشعب للعمل معًا من أجل الخروج من هذه الأزمة. ليبيا لا تستطيع تحمل المزيد من الأزمات. إنها بحاجة إلى قادة يتحلون بالشجاعة والحكمة، ويضعون مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. فقط من خلال العمل الجماعي والمسؤولية المشتركة يمكن لليبيا أن تتجاوز هذه الأوقات الصعبة وتعود إلى مكانتها الطبيعية كبلد نفطي غني وقوي.

كل يوم يمر بدون حل، هو يوم آخر من المعاناة للمواطن الليبي. فهل سيستجيب المسؤولون لهذا النداء؟ هل سيتحركون لإنقاذ البلاد من هذه الفوضى؟ الأسئلة كثيرة والإجابات قليلة، ولكن الأمل لا يزال موجودًا. وكما يقول الفيتوري، فإن الحلول ليست بعيدة إذا ما توفرت الإرادة والقدرة على العمل.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24