في ظل الفوضى التي تجتاح البحر المتوسط نتيجة الصراعات الدائرة في ليبيا، تصدرت عملية “إيريني” تقارير مراقبة السواحل والحدود البحرية، حيث أصدرت تقريرها لشهر سبتمبر 2024 معلنة عن رصد 98 رحلة مشبوهة. هذا الرقم ليس إلا جزءًا من سلسلة عمليات معقدة تستهدف الحد من تدفق الأسلحة إلى ليبيا، البلد الذي يعاني من انقسامات داخلية وحروب دامية.
لا تتوقف عملية “إيريني” عند مجرد مراقبة الرحلات المشبوهة، بل تتعداها إلى مراقبة 25 مطارًا ومدرجات الهبوط المتناثرة في دول المتوسط، إلى جانب 16 ميناءً ومحطات النفط التي تشكل جزءًا من البنية التحتية الحساسة لتجارة الأسلحة. هذه العمليات الدقيقة تسعى إلى رصد وتوثيق كل حركة مشبوهة قد تساهم في زعزعة استقرار المنطقة، مع العلم أن عمليات التهريب لا تتم بالوسائل التقليدية فقط، بل غالبًا ما تعتمد على تكتيكات خفية تحتاج إلى مراقبة حثيثة.
من بين 15,720 سفينة تجارية تم رصدها خلال شهر سبتمبر، تم التحقيق في 209 منها من خلال مكالمات لاسلكية أجرتها فرق المراقبة. هذه المكالمات التي تبدو في ظاهرها بسيطة تحمل في طياتها عملية تفتيش دقيقة، حيث يتم من خلالها التحقق من وجهات السفن وحمولاتها، فضلاً عن تحليل سلوكها الملاحي.
ومع أن عملية الاتصال اللاسلكي قد تكون الوسيلة الأكثر استخدامًا، إلا أن الفرق الميدانية تقوم أيضًا بإجراء زيارات فعلية على متن السفن، وهو ما حدث في 6 حالات من أصل 671 سفينة، حيث تمت الزيارات بالتنسيق الكامل مع القباطنة، لتفادي أي تصعيد أو خرق للقانون الدولي.
من الواضح أن الأرقام التي أعلنتها “إيريني” في تقريرها لشهر سبتمبر تعكس حجم الجهود التي تبذلها العملية في مراقبة السواحل الليبية. ومع ذلك، تظل التحديات قائمة. فمع تعقيد المشهد الليبي واستمرار الصراع بين الأطراف المتناحرة، يبقى تهريب الأسلحة إحدى القضايا المركزية التي تؤثر بشكل مباشر على استقرار البلاد. وبينما تستمر “إيريني” في تنفيذ مهامها، فإن فعالية هذه العمليات تعتمد بشكل كبير على تعاون الدول المجاورة ودعم المجتمع الدولي.
على الرغم من النجاحات التي حققتها “إيريني” في مراقبة الرحلات المشبوهة والتضييق على تجارة السلاح، إلا أن النتائج تشير إلى أن الكثير من الشحنات غير القانونية لا تزال تجد طرقها إلى ليبيا. وهنا يبرز الدور الحاسم للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث يتطلب الأمر مزيدًا من التنسيق مع الأطراف الدولية، خصوصًا تلك التي ترتبط بليبيا بعلاقات تجارية أو جغرافية.
يظل الهدف النهائي لعملية “إيريني” هو تحقيق الاستقرار في ليبيا عبر الحد من تدفق الأسلحة التي تغذي الصراع. ومع استمرار المراقبة الدقيقة للرحلات الجوية والموانئ البحرية، يبدو أن العملية تسير في الاتجاه الصحيح، وإن كان ببطء.