بن شرادة: خطورة قرارات الحكومة على جمعية الدعوة الإسلامية
في ظل الأوضاع المتوترة التي تعيشها ليبيا، تبرز جمعية الدعوة الإسلامية كإحدى المؤسسات الحيوية التي تواجه ضغوطًا وتحديات كبيرة. تصاعد الجدل مؤخرًا بعد قرار حكومة الدبيبة منتهية الولاية في طرابلس بتشكيل مجلس إدارة جديد للجمعية، وهو القرار الذي وصفه عضو مجلس الدولة، سعد بن شرادة، بأنه “إجراء خاطئ”. تصريح بن شرادة يعكس تخوفًا متزايدًا من تأثيرات هذا القرار على استثمارات الجمعية ودورها الدولي.
يشدد سعد بن شرادة في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24”، على أن حكومة الدبيبة منتهية الولاية تجاوزت صلاحياتها بتشكيل مجلس إدارة جديد لجمعية الدعوة الإسلامية، وهو ما يعد انتهاكًا واضحًا للقوانين المنظمة لعمل المؤسسات الدينية والخيرية في ليبيا. وفقًا للقوانين الليبية، تشكيل مجلس إدارة للجمعية يجب أن يتم عبر الجهة التشريعية وبالتشاور مع الشركاء الدوليين الذين يسهمون في دعم الجمعية، وليس من خلال الحكومة.
يقول بن شرادة: “إصدار القرارات من غير ذوي الاختصاص تكرر في الفترة الأخيرة، وهذا الأمر يُفسد من سمعة الجمعية، ويضر بإداراتها واستثماراتها الداخلية والخارجية”. إن هذا السلوك، كما يرى بن شرادة، لا يمس فقط سمعة الجمعية بل يضع أصولها وممتلكاتها في خطر، خاصة وأن لها فروعًا ومساهمات دولية متعددة.
جمعية الدعوة الإسلامية ليست مؤسسة محلية فحسب، بل هي كيان دولي تساهم فيه دول متعددة بجانب ليبيا، التي تُعتبر الدولة الأم. من هنا، يرى بن شرادة أن تعريض أموال الجمعية ومقدراتها للخطر لا يقتصر على الجانب المحلي بل يمتد إلى الجانب الدولي أيضًا. “جمعية الدعوة الإسلامية لها مساهمات من دول بالإضافة إلى ليبيا”، يقول بن شرادة، محذرًا من أن أي تلاعب في أصول الجمعية قد يؤدي إلى تداعيات دولية، وفقدان الجمعية لصبغتها الدولية.
هذه الصبغة الدولية التي تتمتع بها الجمعية تُكسبها مكانة خاصة في العالم الإسلامي، حيث تُعتبر إحدى المؤسسات التي تسهم في نشر الدعوة الإسلامية وتعزيز القيم الإسلامية على مستوى العالم. ولهذا السبب، فإن تعريض أموال الجمعية لأي مخاطر مالية أو إدارية قد يؤدي إلى فقدان ثقة الشركاء الدوليين، ويؤثر سلبًا على استثماراتها التي تُعتبر ركيزة مهمة لدعم مشاريعها الخيرية.
من أبرز النقاط التي أثارها بن شرادة في تصريحاته، هو القرار المتعلق برفع الرقابة المصاحبة على حسابات جمعية الدعوة الإسلامية. في ظل هذه الظروف التي تمر بها ليبيا، يرى بن شرادة أن هذا القرار يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار الجمعية وأموالها. “لا يجب رفع هيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة، الرقابة المصاحبة على حسابات الجمعية”، يؤكد بن شرادة.
وفقًا له، تحتاج الجمعية في هذه المرحلة إلى رقابة مشددة لضمان عدم التلاعب بأموالها أو استثماراتها. وجود فروع للجمعية في دول متعددة يزيد من أهمية الحفاظ على الرقابة المالية الصارمة، حيث أن أي خلل في إدارة الحسابات قد يؤثر على استقرار الجمعية في الداخل والخارج. بن شرادة يرى أن رفع الرقابة في هذا التوقيت يُعتبر قرارًا غير حكيم، خاصة في ظل التوترات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
الأمر لا يقتصر فقط على الجانب الإداري، بل إن قرارات الحكومة قد تؤثر بشكل مباشر على استثمارات جمعية الدعوة الإسلامية. بن شرادة يُشير إلى أن إصدار القرارات غير القانونية يُضر بإدارة الجمعية واستثماراتها، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. هذا الضرر قد يمتد ليشمل مشاريع اقتصادية تُديرها الجمعية في عدة دول، والتي تُسهم في دعم الأنشطة الخيرية والدعوية.
“تعريض أموال الجمعية للخطر يؤدي إلى عدم الاستقرار الإداري والمالي في ليبيا”، يُحذر بن شرادة، مشيرًا إلى أن أي اضطراب في هذه المرحلة قد يؤدي إلى تبعات طويلة الأمد على الاقتصاد الليبي. فالاستثمارات التي تُديرها الجمعية تُعتبر جزءًا من الاقتصاد الوطني، وأي تلاعب بها قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
واحدة من النقاط الأساسية التي يُؤكد عليها بن شرادة هي أهمية التشاور مع الشركاء الدوليين المساهمين في جمعية الدعوة الإسلامية. “مجلس الإدارة يجب أن يُشكل بالتشاور مع الشركاء الدوليين”، يقول بن شرادة. هذا التشاور يُعتبر ضرورة أساسية لضمان أن تكون قرارات إدارة الجمعية متوافقة مع القوانين الدولية وتحظى بدعم الدول المساهمة.
فالجمعية ليست مجرد مؤسسة محلية، بل هي كيان ذو طابع دولي، ولهذا فإن أي قرار يُتخذ بشأن إدارتها يجب أن يكون بالتنسيق مع الشركاء الدوليين. الفشل في هذا التشاور قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على مستوى التعاون الدولي، وقد يُفقد الجمعية ثقة الدول المساهمة في مشاريعها.
في ظل هذه التطورات، يدعو بن شرادة إلى تحرك عاجل من قبل الجهات الرقابية لحماية جمعية الدعوة الإسلامية. “يجب عدم رفع الرقابة في هذه الظروف”، يُضيف بن شرادة، مؤكدًا أن الحفاظ على الرقابة المصاحبة يُعتبر ضرورة قصوى في هذه المرحلة. الأجهزة الرقابية، من هيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة، مطالبة بالقيام بدورها بشكل فوري لضمان حماية أصول الجمعية.
التحديات التي تواجه الجمعية في هذه المرحلة تتطلب إجراءات صارمة وسريعة، حيث أن أي تأخير في التصدي لهذه التهديدات قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على المدى البعيد. التحرك العاجل ليس فقط لحماية أموال الجمعية، بل أيضًا للحفاظ على استقرارها الدولي وضمان استمرارها في أداء دورها الحيوي في نشر الدعوة الإسلامية.
في نهاية المطاف، تبقى جمعية الدعوة الإسلامية كيانًا حيويًا يُمثل جزءًا لا يتجزأ من المشهد الديني والاقتصادي في ليبيا. قرارات الحكومة بتشكيل مجلس إدارة جديد، كما يُحذر سعد بن شرادة، تُعتبر تجاوزًا لصلاحياتها وتهديدًا مباشرًا لاستثمارات الجمعية وأموالها. يُشير بن شرادة إلى أن الحفاظ على رقابة مشددة وضمان التشاور مع الشركاء الدوليين هما أمران ضروريان لتجنب تداعيات سلبية قد تؤثر على الجمعية على المدى الطويل.
الحكومة الليبية مطالبة بإعادة النظر في قراراتها، بينما تبقى الأجهزة الرقابية على المحك، مطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية مقدرات الجمعية واستقرارها في الداخل والخارج.