ليبيا الان

السياسات النقدية المتضاربة تغرق الاقتصاد وتضر بالمواطنين

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

الحويج يحذر التجار: الأزمة النقدية ليست مبررًا لرفع الأسعار
في خطوة تحمل في طياتها الكثير من الحزم والتحذير، أطلق وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها، محمد الحويج، تصريحات شديدة اللهجة، موجهة بالأساس إلى التجار الذين استغلوا الأزمة النقدية ورفعوا الأسعار دون مبرر. الحويج، الذي أكد أن المخزون السلعي الحالي يكفي لمدة ثلاثة أشهر، شدد على أن رفع الأسعار بصورة غير مبررة لن يتم التسامح معه. حيث أوضح الوزير في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” قائلاً: “لدينا مخزون من السلع يكفي 3 أشهر، بين منتج محلي ومستورد وفق سعر الدولار السابق، ولا يوجد أي مبرر منطقي لرفع الأسعار كما فعل بعض التجار”.

التضارب النقدي والاقتصادي: سياسات غير متسقة تهدد المواطنين
هذه التصريحات جاءت في ظل ما يعانيه المواطن من تفاقم للأزمات الاقتصادية، حيث بات الصراع على السلطة بين الأطراف السياسية المختلفة، وتحديدًا بين حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها ومصرف ليبيا المركزي، عبئًا ثقيلًا على كاهل المواطن العادي. الحويج انتقد السياسات النقدية المتضاربة بين المصرف المركزي ووزارة المالية والاقتصاد، مشددًا على أن غياب التنسيق يعمق الأزمات ويدفع بالاقتصاد نحو الهاوية.

تتمثل إحدى أبرز العقبات التي تواجه الاقتصاد اليوم في التذبذب الحاد في سعر صرف الدينار أمام الدولار الأمريكي. حيث أشار الحويج إلى أن سعر الصرف المتقلب هو العامل الأساسي الذي يعوق الصناعة المحلية ويعرقل الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج الوطني. وقال الوزير في تصريحاته: “تذبذب سعر الصرف وعدم استقراره، إضافة إلى فوضى منح الاعتمادات، يشكلان تهديدًا حقيقيًا للصناعة الليبية”.

فتح الاعتمادات دون ضوابط: خطر يهدد استقرار الاقتصاد
الحويج عبّر عن قلقه البالغ من عمليات فتح الاعتمادات العشوائية دون أي نظام دقيق. واعتبر أن هذا الأمر سيضعف قدرة المصرف المركزي على الدفاع عن سعر صرف الدينار، إذا استمرت الفوضى في فتح الاعتمادات وتوجيهها نحو سلع غير ضرورية. في هذا السياق، أكد الوزير على ضرورة تبني سياسة تعتمد على الأولويات. وضرب مثالًا بالقمح، حيث تحتاج ليبيا إلى مليون طن من القمح سنويًا، يتم إنتاج 200 ألف طن فقط محليًا. وشدد على ضرورة توجيه الاعتمادات نحو استيراد ما يعادل 800 ألف طن لسد العجز، مع تشجيع المزارعين المحليين على زيادة الإنتاج.

كما دعا الحويج إلى ضبط نسبة تغطية الاعتمادات بما لا يتجاوز 30%، مع التركيز على استيراد المواد الخام الضرورية للصناعة الوطنية. وهو ما يراه البعض محاولة لإعادة التوازن في سوق السلع، وتقليل الاعتماد على الاستيراد العشوائي الذي يسهم في هدر الموارد النقدية وتضخم أسعار السلع.

التدخل الأجنبي في السوق: هل هي لعبة مخابراتية؟
تصريحات الحويج أثارت أيضًا قضايا خطيرة تتعلق بتدخل أطراف أجنبية في السوق الليبي. فقد حذر من وجود “لعبة مخابراتية” تُدار عبر بعض الشركات الأجنبية التي تسعى لإدخال البلاد في مزيد من الفوضى الاقتصادية، خاصة في ظل وجود أجانب يعملون في السوق المحلي بطرق مشبوهة. هذا التصريح أثار جدلًا واسعًا حول مدى قدرة الدولة على ضبط السوق وحماية الاقتصاد من التدخلات الخارجية، خاصة وأن ليبيا تعيش حالة من الانقسام السياسي الحاد، وهو ما يجعل البلاد عرضة لمزيد من التدخلات الخارجية.

السياسات الاقتصادية: الحكومة والمركزي مسؤولون عن الفشل
رغم أن الحويج وجه انتقاداته الصريحة للتجار، إلا أنه لم يغفل عن تحميل حكومة الدبيبة والمصرف المركزي مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية. حيث أشار إلى أن غياب التخطيط الاقتصادي والتضارب في السياسات النقدية والمالية هي عوامل رئيسية أدت إلى الوضع الحالي. فقد أثبتت حكومة الدبيبة فشلها في إدارة الملف الاقتصادي، وأدى عدم استقرار سعر الصرف إلى خسارة ليبيا لمكانتها الاقتصادية وإلى تراجع كبير في مستوى معيشة المواطن.

الدينار.. أزمة تحتاج إلى حل جذري
أحد أبرز النقاط التي طرحها الحويج في تصريحاته هو مسألة سعر صرف الدينار الليبي. فقد شدد على ضرورة تعديل سعر الصرف وتثبيته عند 4.25 دنانير للدولار كحد أقصى. وأكد أن التضخم لا يعد مشكلة كبرى في الوقت الحالي، حيث إن الكتلة الورقية المتداولة خارج المصارف تبلغ نحو 50 مليار دينار، ويمكن سحب هذه الكتلة عبر توفير نحو 10 مليارات دولار فقط. هذا التصريح يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قدرة المصرف المركزي على التحكم في الكتلة النقدية وضبط التضخم في حال تم تنفيذ هذه السياسة.

الصراع بين السياسة والمواطن: من يدفع الثمن؟
في خضم هذه الأزمات، يبقى المواطن الليبي هو الضحية الأساسية للصراع السياسي القائم. الصراع على السلطة بين الأطراف المختلفة، والانقسام المؤسسي، بات واضحًا أنهما السبب الرئيسي وراء تفاقم الأزمات الاقتصادية. ورغم أن الحويج حمل التجار جزءًا من المسؤولية، إلا أن الدور الأكبر يقع على عاتق السياسيين وصناع القرار. المواطن الليبي أصبح اليوم يدفع ثمن السياسات الفاشلة، وانقسام مؤسسات الدولة، والتدخلات الأجنبية في السوق.

الخلاصة: بين التحذير والتحدي
يبدو أن الحويج، برغم تحذيراته الشديدة، يدرك تمامًا أن الأزمة أعمق من مجرد استغلال التجار للموقف. فالاقتصاد الليبي يعاني من اختلالات بنيوية كبيرة، تتطلب حلولًا جذرية تتجاوز التحذيرات والوعود. والمواطن الليبي، الذي يقف في قلب هذه الأزمة، يستحق حلولًا حقيقية تتناول جذور المشكلة، وليس مجرد محاولات للتخفيف من آثارها.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24