في تصريحات جديدة تشعل الجدل حول مستقبل الاقتصاد الليبي، ألقى الخبير الاقتصادي، مختار الجديد باللائمة بشكل صريح على الحكومات المتعاقبة فيما يتعلق بارتفاع سعر صرف الدينار مقابل الدولار. ففي ظل التضخم الاقتصادي وتفاقم الأزمة المالية في ليبيا، يرى الجديد أن السياسات الحكومية الحالية غير مسؤولة وتساهم بشكل مباشر في تعميق الأزمة.
“إن الحكومات تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في ما يحدث الآن لسعر الصرف”، قال الجديدر الجديد في منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ورصدتها “أخبار ليبيا 24“، موضحًا أن المطالبة من مصرف ليبيا المركزي ببيع الدولار بدون ضريبة ليست سوى استخفاف بعقول الشعب. وفي هذا السياق، أكد الجديد أن الحلول الفعلية يجب أن تأتي من داخل الحكومة نفسها.
لقد ركزت الحكومات في الأعوام الأخيرة على السياسات المالية السطحية دون النظر إلى جذور الأزمة الحقيقية. الإنفاق المتزايد وعدم التحكم في المصروفات الحكومية كانا من الأسباب الرئيسة في تدهور سعر الصرف.
ويرى الجديد أن حكومة عبد الحميد الدبيبة إذا كانت جادة في تحسين الوضع الاقتصادي، فعليها أن تبدأ من نفسها. “إذا كانت الحكومة جادة في هذا الأمر، فلتبدأ بتخفيض مصروفاتها وتقليص عدد العاملين في السفارات بالخارج”. فمن غير المعقول أن تستمر الحكومات في تعيين آلاف الموظفين في الخارج بينما يعاني الاقتصاد المحلي من ضغوط هائلة.
يضيف الجديد أن الحكومات الليبية لا تزال تدير نفسها بسياسات متهورة وغير مستدامة، متجاهلة التحديات الاقتصادية الراهنة. ويشير إلى أنه يجب على الحكومة الليبية أن تعمل على رفع الإيرادات وتفعيل وزارتي الاقتصاد والمالية للعمل بالتنسيق مع المصرف المركزي.
وفي سياق حديثه، أكد الجديد أن المصرف المركزي الليبي لا يستطيع وحده أن يقدم حلاً لهذه الأزمة المتفاقمة. “المشكلة أعمق من أن تحل بمراسلة بين الجهات الحكومية والمصرف المركزي”، مشيرًا إلى أن الحلول المؤقتة، مثل طباعة المزيد من الأموال أو تعديل سعر الصرف بشكل اصطناعي، لن تكون كافية.
وأوضح الجديد أن انهيار الدينار الليبي لن يتوقف مادامت الحكومة تصر على السياسات الحالية التي تتسم بالإفراط في الإنفاق وهدر الأموال تحت مسميات التنمية. وعلى الرغم من أن التنمية تعد هدفًا أساسيًا لكل دولة، إلا أن الطريقة التي تعتمدها الحكومات الليبية لتحقيق هذا الهدف تسهم بشكل مباشر في تأزيم الوضع الاقتصادي.
واعتبر الجديد أن الحل الأساسي للأزمة الاقتصادية في ليبيا يكمن في إيجاد تنسيق حقيقي بين السياسات النقدية، المالية، والتجارية. فعلى الرغم من الجهود التي يبذلها المصرف المركزي لضبط سعر الصرف، إلا أن السياسات المالية المتبعة من قبل الحكومة تقوض هذه الجهود.
“من دون هذا التنسيق، ستظل الأزمات الاقتصادية تتفاقم، وسيبقى سعر الصرف في حالة تذبذب مستمر”، قال الجديد. وأكد أن على الحكومة أن تتحرك فورًا لتفعيل وزاراتها المعنية وفتح قنوات حوار حقيقية مع المصرف المركزي لتوحيد الجهود.
وأشار الجديد إلى أن الحجة الرئيسية التي تستخدمها الحكومة لتبرير الإنفاق المتزايد هي التنمية. ولكن التنمية التي لا تنعكس إيجابيًا على المواطنين ولا تساهم في تحسين مستوى المعيشة تعتبر تنمية فاشلة.
ومن المشروعات التي تم تمويلها بميزانيات ضخمة ولكن لم تحقق أي فوائد حقيقية للاقتصاد الليبي هي تلك المشاريع الإنشائية الكبرى التي لم تكتمل أو لم تستخدم بعد إنجازها.
يرى مختار الجديد أن الحلول المتاحة للحكومة الليبية لا تكمن فقط في تقليص عدد الموظفين في السفارات الخارجية، بل أيضًا في مراجعة كافة المشاريع الممولة حاليًا والتأكد من جدواها الاقتصادية. ويقترح الجديد أن تبدأ الحكومة بإصلاح نظام الإيرادات والعمل على رفع مستويات الإنتاج المحلي.
كما دعا الجديد إلى تقليص الفجوة بين السياسات النقدية والمالية والتجارية، مشيرًا إلى أن هذا التنسيق هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار اقتصادي في ليبيا.
وفي ختام حديثه، دعا الجديد الحكومة الليبية إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية لإنقاذ الاقتصاد الليبي. “إذا استمرت الحكومة في إهدار الأموال دون مراقبة أو توجيه سليم، فإن الدينار الليبي سيواصل انهياره”، حذر الجديد، مشددًا على أن الحلول لن تأتي من الخارج بل من الداخل، ومن تغيير حقيقي في نهج الحكومة وسياساتها المالية.