ليبيا الان

الجديد: تغييرات جذرية في سياسات النقد الأجنبي

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة والأزمات التي تواجه ليبيا، يبدو أن مصرف ليبيا المركزي يسعى نحو تغييرات جوهرية في سياسات النقد الأجنبي، وهي تغييرات لطالما انتظرها المواطنون والمراقبون الاقتصاديون على حد سواء. وفي سياق هذه التغيرات، برزت تصريحات الخبير الاقتصادي، مختار الجديد، الذي قدم تحليلاً عميقاً حول الآليات الجديدة لبيع النقد الأجنبي، مسلطًا الضوء على الفروقات الواضحة بين الإدارة الحالية للمصرف المركزي والإدارات السابقة.

تحدث الجديد في مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24“عن الروح الجديدة التي تميز الإدارة الحالية للمصرف، مشيرًا إلى أن هناك جدية واضحة في التعامل مع الملف الاقتصادي الحساس. “منشورات الإدارة الجديدة مليئة بالتفاصيل التي كانت تغيب في السابق، ما يوحي برغبة حقيقية في إصلاح سياسات بيع النقد الأجنبي”، يقول الجديد. وفي تحليل عميق للآليات الجديدة التي تعتمدها الإدارة، أبرز الجديد اهتمامًا متزايدًا بطرق متعددة لبيع النقد، تشمل البطاقات، الاعتمادات، والحوالات السريعة، بالإضافة إلى تسهيل تحويلات المغتربين.

وفي مداخلة تلفزيونية، قدم الجديد شرحًا مفصلاً حول تأثيرات السوق الموازي على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن بيع النقد الأجنبي سابقًا كان يقتصر على نوعين رئيسيين: البطاقات والاعتمادات. لكن المشكلة، كما يراها الجديد، تكمن في أن أغلب التجار الذين يعتمدون على هذه الآليات هم من صغار التجار، ما يعني أن الضغط الأكبر كان يقع على هؤلاء التجار الذين يضطرون للتعامل مع السوق الموازي لتلبية احتياجاتهم المالية.

السوق الموازي، بحسب الجديد، يحصل على الدولار من الاعتمادات والبطاقات، لكن ليس كل هذه البطاقات تُستخدم بشكل سليم. “التلاعب بالبطاقات كان يسمح ببقاء الدولارات خارج البلاد وبيعها للتجار في السوق الموازي، ما يضيف أعباءً مالية على المواطنين”، أوضح الجديد. لكن مع تدخل المصرف المركزي الجديد، تبدو الأمور في طريقها إلى التغيير.

ومن بين الإجراءات التي يراها الجديد خطوة إيجابية، هي قطع الحلقة التي تربط صغار التجار بالسوق الموازي. “إذا تم التواصل المباشر مع التجار وتقديم الدولار بسعر 4 دينار، فإن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على السوق الموازي”، يوضح الجديد. وهذا التدخل، بحسب رأيه، يمكن أن يساهم في تقليل الفجوة بين السوق الرسمي والسوق الموازي، ما يخفف من الضغوط على التجار والمواطنين على حد سواء.

واستكمالًا لحديثه، سلط الجديد الضوء على دور الاعتمادات في الاقتصاد، مشيرًا إلى أن تغطية الاعتمادات بنسبة 100% تعني أن التاجر يدفع كامل قيمة الاعتماد مقدماً، وهو ما يعد تحولًا كبيرًا مقارنة بالفترات السابقة. في السابق، كان تجار الاعتمادات يستطيعون تحقيق أرباح طائلة من خلال بيع جزء من الدولار في السوق الموازي، ولكن الآن، مع هذه الإجراءات الجديدة، أصبحت المنافسة أكثر صعوبة، خاصة مع خروج تجار البطاقات من اللعبة.

“اللعبة التي كان يلعبها تجار الاعتمادات سابقاً تبدو وكأنها تعود من جديد، لكن بشروط مختلفة”، يقول الجديد. فالمنافسة باتت أكثر حدة، والتاجر الآن مطالب بقبول هوامش ربح ضئيلة.

من جانب آخر، تطرق الجديد إلى موضوع القروض التي يمنحها المصرف المركزي، موضحًا أن المصرف منح قروضًا إضافية بقيمة 5 مليار دينار في عام 2023. ولكن في ظل التضخم المتزايد وارتفاع عرض النقود، يثير الجديد تساؤلات حول الحكمة من هذه الخطوة. “عندما يكون التضخم مرتفعًا، يجب على المصارف الحد من منح القروض، ولكن يبدو أن المصرف المركزي يسير في اتجاه معاكس”، يعلق الجديد.

وفي السياق ذاته، أوضح الجديد أن هناك نوعين رئيسيين من الاعتمادات: النقدي وغير النقدي. فالمصرف يمكن أن يفتح اعتمادات دون أن يدفع التاجر كامل القيمة، وهو ما يعد نوعًا من القروض غير المباشرة. ومع ذلك، فإن هذه الاعتمادات تظل محفوفة بالمخاطر، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية الراهنة.

واستكمالًا لتفاصيل المشهد الاقتصادي، أشار الجديد إلى أن الإيرادات المتوقعة من بيع النقد الأجنبي والرسوم المفروضة عليها قد تصل إلى 15 مليار دولار بحلول شهر سبتمبر. ولكن رغم هذه التوقعات الإيجابية، يظل الغموض يحيط بإيرادات الرسوم المصرفية، حيث لم يتم تضمينها في التقارير الرسمية للمصرف المركزي، ما يثير تساؤلات حول الشفافية والرقابة.

رغم التغييرات الإيجابية التي يشير إليها مختار الجديد، يظل الاقتصاد الليبي يواجه تحديات كبيرة. من ارتفاع التضخم، إلى التلاعب بالدولار في السوق الموازي، وحتى غياب الشفافية في بعض التقارير الاقتصادية، كل هذه الأمور تجعل من الضروري استمرار الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز الرقابة على المؤسسات المالية.

إن الروح الجديدة التي تميز إدارة المصرف المركزي قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها بالتأكيد ليست كافية وحدها. فليبيا تحتاج إلى إصلاحات أعمق، تشمل ليس فقط آليات بيع النقد الأجنبي، بل أيضًا معالجة جذور المشكلات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

في النهاية، تظل التساؤلات قائمة حول قدرة المصرف المركزي على مواصلة هذه السياسات الجديدة ومدى تأثيرها على الاقتصاد الكلي. فهل ستتمكن هذه الإجراءات من تحقيق الاستقرار المطلوب؟ أم أن التحديات ستظل تعيق التقدم نحو اقتصاد أكثر شفافية واستدامة؟

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24