مع استمرار الأزمات الاقتصادية العالمية والاقليمية التي تضغط على دول الشرق الأوسط، تواجه ليبيا تحديات اقتصادية هائلة. إلا أن عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، يبرز رؤيته المتفائلة، معلنًا عن مجموعة من الخطوات الاقتصادية والنقدية التي ستسهم في تخفيف العبء على الاقتصاد الليبي.
يعلن العرفي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، أن مصرف ليبيا المركزي، سيتخذ خطوة حاسمة بتخفيض ضريبة النقد الأجنبي إلى 15% في يناير 2025، وهي الخطوة التي يراها ضرورية لتحسين قيمة الدينار الليبي والحد من هيمنة الدولار على التعاملات التجارية في البلاد. تلك الخطوة تتزامن مع تحقيق الاستقرار في مجلس إدارة المصرف المركزي، الذي يُعدّ تشكيله خطوة محورية في إصلاحات الاقتصاد الوطني.
السياسة النقدية، وفقًا للعُرفي، هي مسؤولية المصرف المركزي، فهو الجهة الوحيدة التي تملك السلطة لتقديم مقترحات تتعلق بتعديل نسبة الضريبة أو إلغائها بالكامل. ومع ذلك، فإن هذه الخطوات تحتاج إلى موافقة السلطة التشريعية قبل أن تدخل حيز التنفيذ.
واعتبر العرفي أن الحاكم الجديد لمصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، قام باتخاذ خطوات مشجعة مؤخرًا، مثل رفع أسقف السحب النقدي وتخفيف القيود المفروضة على العملات الأجنبية، بالإضافة إلى رفع سقف بطاقة الأغراض الشخصية إلى 8 آلاف دولار أمريكي. هذه الإجراءات يُنظر إليها على أنها محاولات لإعادة الثقة في الاقتصاد الوطني وتحريك عجلة الاقتصاد الليبي بعد فترة طويلة من الركود.
في ظل هذه التغييرات، تشهد السوق الموازية ارتباكًا ملحوظًا، حيث ارتفع عرض الدولار بينما تراجع الطلب عليه. السبب في ذلك يعود إلى الزيادة التي شهدتها بطاقات الأغراض الشخصية، حيث يمكن للأفراد الآن الحصول على مبلغ يصل إلى 8 آلاف دولار، وهو ما أدى إلى تقلص الحاجة للتعامل مع السوق الموازية.
يرى المراقبون أن هذه الزيادة قد تسهم في تعزيز استقرار سعر الصرف في السوق الموازية، التي لطالما كانت مصدرًا للضغوط على الاقتصاد الليبي، نتيجة لارتفاع الفروقات بين الأسعار الرسمية والموازية.
إلا أن العرفي لا يغفل عن التحديات التي تواجه المصرف المركزي. فهناك اعتراضات من قبل المجلس الرئاسي على بعض الأسماء المرشحة لتولي المناصب الرئيسية في مجلس إدارة المصرف، مما يؤخر تعيين مجلس الإدارة الجديد الذي يُعَدّ تشكيله ضرورة ملحة لدعم الاستقرار النقدي في البلاد.
ومع ذلك، القانون الليبي يمنح محافظ المصرف المركزي صلاحية تعيين الأعضاء، وبذلك يُتوقع أن يتم تجاوز هذه الاعتراضات قريبًا، ليتمكن المصرف من المضي قدمًا في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي طال انتظارها.
رغم التفاؤل الذي يبديه العرفي تجاه تخفيض ضريبة النقد الأجنبي إلى 15%، إلا أن ذلك ليس نهاية المطاف. فهذه الخطوة ليست إلا بداية لمرحلة انتقالية، يُتوقع خلالها أن يستمر التخفيض تدريجيًا، اعتبارًا للظروف الاقتصادية المتقلبة التي يمر بها الشرق الأوسط.
من جهة أخرى، يشير العرفي إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية الأخرى التي يتعين اتخاذها لضمان نجاح هذه السياسة. أبرز تلك الإصلاحات تتعلق بفرض الرقابة على الاعتمادات المستندية، وهي خطوة أظهرت نجاحها في تقوية الدينار الليبي ومنع التلاعب في السوق السوداء.
الإصلاحات التي ينفذها المصرف المركزي ستسهم، دون شك، في تعزيز استقرار العملة الوطنية، إلا أن نجاحها يعتمد إلى حد كبير على التفاعل بين العوامل المحلية والدولية. فالتغيرات في أسعار النفط العالمية وتداعيات الأزمات السياسية في المنطقة ستظل تلقي بظلالها على الاقتصاد الليبي.
يعتقد العرفي أن خفض الضريبة سيشجع على تداول الدينار المحلي في الأسواق بدلاً من الاعتماد على الدولار، وهذا من شأنه أن يخفف الضغوط على الاحتياطيات النقدية ويدعم استقرار الميزانية العامة للدولة. ومع تحسن الوضع الأمني والسياسي في البلاد، يمكن لليبيا أن تتطلع إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
في الوقت الذي تسعى فيه ليبيا إلى تعزيز اقتصادها، يظل التحدي الأكبر هو تحقيق الاستقرار السياسي والأمني. فرغم الجهود المبذولة من قبل المصرف المركزي، تظل السياسات النقدية مرهونة بالتغيرات السياسية التي قد تؤثر بشكل مباشر على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
ومع أن العرفي يتوقع أن يستمر التخفيض التدريجي لضريبة النقد الأجنبي، إلا أن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه السياسة يتطلب توافقًا بين الجهات الحكومية والمصرف المركزي. في النهاية، يُعدّ تحسين الوضع الاقتصادي الليبي رهنًا بتضافر جهود مختلف الأطراف لضمان نجاح هذه الخطوات الجريئة.