بعد مرور عام على الفاجعة التي ألمت بمدينة درنة، أهالي المدينة لا يزال يعانون من آثار الكارثة. رغم الجهود المبذولة من قبل صندوق الإعمار. ويأتي دور الصندوق كعنصر أساسي في تأهيل البنية التحتية المتضررة، لكن المهمة تتجاوز قدراته، حيث يظل الدعم الحكومي اللازم غائبًا أو متباطئًا. في هذا السياق، يبرز صوت عضو مجلس الدولة، منصور الحصادي، الذي دعا في تصريحات جديدة إلى دعم حكومة الدبيبة منتهية الولاية كونها حكومة أمر واقع لسكان درنة، في محاولة لمواجهة النقص الذي يعانيه هؤلاء الأهالي الذين فقدوا بيوتهم ومصادر رزقهم.
من خلال تغريدة على حسابه في منصة “إكس”، رصدتها “أخبار ليبيا 24” لفت الحصادي الانتباه إلى جهود صندوق الإعمار، مثنيًا على الجهود المستمرة التي يبذلها الصندوق لإعادة بناء المدينة. ولكن الحصادي لم يُخفِ القلق من التأخر الحكومي، مطالبًا حكومة الدبيبة منتهية الولاية بتوفير المساعدات المالية والعينية اللازمة لسكان المدينة المنكوبة. بالنسبة له، تبقى المساعدات المقدمة من صندوق الإعمار غير كافية لتلبية احتياجات الأهالي الذين يواجهون تحديات يومية قاسية، ويجدون أنفسهم أمام صعوبات تؤثر في حياتهم ومعيشتهم.
أبرز الحصادي بعض المطالب الأساسية التي يحتاجها سكان درنة للتعافي من الآثار النفسية والاقتصادية الكارثية التي خلفتها الأزمة. جاءت مطالبه مركزة حول ضرورة توفير بدل إيجار للمتضررين، مما يخفف عنهم عبء السكن المؤقت، ويمنحهم الأمان في انتظار اكتمال جهود إعادة البناء. كما طالب بمنح بدل متضرر للعاملين الذين فقدوا مصادر دخلهم بسبب الأزمة، معتبرًا أن هذا الدعم المالي سيمثل نقطة انطلاق نحو تحسين معيشتهم وتعافيهم.
لم تقتصر مطالب الحصادي على الدعم المالي فقط، فقد تطرق إلى مشكلة البطالة التي أصبحت تؤرق العديد من سكان درنة، حيث فقد الكثيرون أعمالهم ووظائفهم بسبب الكارثة. ووجه نداءً إلى حكومة الدبيبة لتوفير فرص عمل للعاطلين بهدف تمكينهم من كسب عيشهم وتوفير حياة كريمة لأسرهم. وفقًا له، تبقى هذه التدابير ضرورية لتخفيف معاناة الأهالي، وبناء أساس اقتصادي يساعد على استعادة دوران عجلة الحياة الطبيعية.
تتعدى مطالب الحصادي الدعم المالي والاقتصادي لتشمل الجوانب الإدارية والصحية. فقد أشار إلى الحاجة الملحة لتسريع إصدار الرقم المالي للأهالي، والإفراج عن الرواتب المتأخرة، وتفعيل البوابة الإلكترونية لبعض القطاعات المتوقفة. مثل هذه الإجراءات قد تبدو شكلية للبعض، لكنها ضرورية لضمان استقرار الأسر المتضررة، وتوفير قاعدة بيانات متكاملة تسهم في تسريع الدعم وتحديد الأولويات.
وفي سياق متصل، طالب الحصادي بتوفير الرعاية الصحية اللازمة لسكان درنة، سواء من خلال تأمين العلاج داخل البلاد أو توفير تسهيلات طبية للعلاج بالخارج. يعاني الكثير من الأهالي من آثار جسدية ونفسية خلفتها الكارثة، وهو ما يستدعي تدخلًا حكوميًا عاجلًا لتقديم الرعاية الصحية الشاملة لهم. حيث باتت احتياجات الصحة والعلاج ضرورية لضمان تعافي هؤلاء المتضررين من الصدمة التي عاشوها.
ومن الجوانب التي ركز عليها الحصادي في حديثه، ضرورة وضع خطط دعم للأطفال الأيتام الذين فقدوا أسرهم في الكارثة، وتخصيص منحة يتيم تؤمن لهم حياة كريمة. وأكد على أن هؤلاء الأطفال هم جزء من مجتمع درنة، ويجب أن يكون لهم دور في إعادة بناء المدينة، ولكن هذا لن يحدث دون توفير الدعم والرعاية لهم.
كما لم يغفل الحصادي عن ضرورة دعم أصحاب الأعمال والتجار المتضررين، مشيرًا إلى أن هؤلاء الأفراد يمثلون جزءًا حيويًا من اقتصاد المدينة. إن وضع خطة لدعم الأعمال المتضررة سيكون له أثر إيجابي في استقرار السوق المحلية وعودة النشاط الاقتصادي، وهو ما يعتبر أحد عوامل التعافي الشامل للمدينة.
اختتم الحصادي حديثه بدعوة إلى تجنب الخلافات السياسية والعمل نحو هدف مشترك لإعادة إعمار المدينة. وأشار إلى أن مسار الإعمار يجب أن يستمر بشكل مستقل عن التجاذبات السياسية، ويجب أن يركز على تلبية احتياجات السكان وإعادة الحياة إلى المدينة. يرى الحصادي أن تجاوز الخلافات الحزبية أمر ضروري للتعامل مع الوضع الإنساني في درنة، حيث يعيش الناس في ظروف قاسية ويحتاجون إلى دعم مستمر.
التركيز على إعادة البناء وتقديم الدعم للسكان يتطلب تنسيقًا فعّالًا بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة، ويجب أن يتخطى هذا التنسيق الحواجز التي خلفتها الأزمة السياسية. ينادي الحصادي حكومة الدبيبة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه أهالي درنة، مؤكدًا أن الحلول العملية والدعم المباشر هما السبيل الوحيد لتحقيق التعافي الذي طال انتظاره.